Success Habits
ART OF ASKING A LADY OUT

باب في الرياح والمطر

Success rituals

باب في الرياح والمطر
[53] بَابٌ فِي الرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1511 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[53] بَابٌ فِي الرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ ضُبِطَ بِالسُّكُونِ عَلَى الْوَقْفِ، وَبِالرَّفْعِ مُنَوَّنًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (فِي الرِّيَاحِ) : وَفِي نُسْخَةٍ: (بَابُ الرِّيَاحِ) : بِالْإِضَافَةِ فَمَا ذُكِرَ فِيهِ مَعَهَا وَقَعَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ، فَلِذَا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ بِالتَّرْجَمَةِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1511 – (.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نُصِرْتُ) أَيْ: فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ.
قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] .
(بِالصَّبَا) : مَقْصُورَةٌ، رِيحٌ شَرْقِيَّةٌ تَهُبُّ مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الصَّبَا الرِّيحُ الَّتِي تَجِيءُ مِنْ قِبَلَ ظَهْرِكَ إِذَا اسْتَقْبَلْتَ الْقِبْلَةَ، وَالدَّبُورُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِكَ حَالَ الِاسْتِقْبَالِ أَيْضًا اهـ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ الَّتِي تَهُبُّ مِنْ تُجَاهِ الْكَعْبَةِ، وَهِيَ حَارَّةٌ يَابِسَةٌ، قِيلَ: هَذَا فِي دِيَارِ خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَمَا فِي حُكْمِهِمَا مِنَ الْأَمَاكِنِ الَّتِي قِبْلَتُهَا السَّمْتُ الْغَرْبِيُّ دُونَ دِيَارِ الرُّومِ وَالْعَرَبِ.
(وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ) : بِفَتْحِ الدَّالِ رِيحٌ غَرْبِيَّةٌ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ الَّتِي تَهُبُّ مِنْ وَرَاءِ الْكَعْبَةِ بَارِدَةً رَطْبَةً، وَالْجَنُوبُ هِيَ الَّتِي تَهُبُّ عَنْ يَمِينِهَا، وَهِيَ حَارَّةٌ رَطْبَةٌ، وَالشَّمَالُ هِيَ الَّتِي تَهُبُّ مِنْ شَمَالِهَا، وَهِيَ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ، وَهِيَ رِيحُ الْجَنَّةِ الَّتِي تَهُبُّ عَلَيْهِمْ.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
رُوِيَ: أَنَّ الْأَحْزَابَ: وَهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَالْيَهُودُ، لَمَّا حَاصَرُوا الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ هَبَّتْ رِيحُ الصَّبَا، وَكَانَتْ شَدِيدَةً، فَقَلَعَتْ خِيَامَهُمْ، وَكَفَأَتْ قُدُورَهُمْ، وَضَرَبَتْ وُجُوهَهُمْ بِالْحَصَى وَالتُّرَابِ، وَأَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ مَا كَادَ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَزَلْزَلُوا أَقْدَامَهُمْ، وَأَحَاطُوا بِهِمْ حَتَّى أَيْقَنُوا بِالْهَلَاكِ عَنْ آخِرِهِمْ، فَابْتَدَأَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ بِالرَّحِيلِ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ وَلَحِقُوهُ فِي أَثَرِهِ، فَلَمْ يَأْتِ الْفَجْرُ وَلَهُمْ ثَمَّةَ حِسٌّ وَلَا أَثَرٌ بَعْدَمَا حَصَلَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ مِنَ الْخَوْفِ وَسُوءِ الظُّنُونِ مَا أَنْبَأَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأحزاب: 10] الْآيَاتِ.
وَكَانَ ذَلِكَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَمُعْجِزَةً لِرَسُولِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَوْمُ عَادٍ كَانَتْ قَامَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا فِي قَوْلٍ، فَهَبَّتْ عَلَيْهِمُ الدَّبُورُ، وَأَلْقَتْهُمْ عَلَى الْأَرْضِ بِحَيْثُ انْدَقَّتْ رُءُوسُهُمْ وَانْشَقَّتْ بُطُونُهُمْ، وَخَرَجَتْ مِنْهُمْ أَحْشَاءُهُمْ، فَالرِّيحُ مَأْمُورَةٌ، تَجِيءُ تَارَةً لِنُصْرَةِ قَوْمٍ، وَتَارَةً لِإِهْلَاكِ قَوْمٍ، كَمَا أَنَّ النِّيلَ كَانَ مَاءً لِلْمَحْبُوبِينَ، وَدِمَاءً لِلْمَحْجُوبِينَ.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] فَفِي هَذَا كُلِّهِ إِظْهَارٌ لِلْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ، وَبَيَانُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ وَالْعَنَاصِرَ مُسَخَّرَةٌ تَحْتَ الْأَمْرِ وَالْإِرَادَةِ رَدًّا عَلَى الطَّبِيعِيِّينَ وَالْحُكَمَاءِ الْمُتَفَلْسِفِينَ.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، قَالَهُ مِيْرَكُ.

✩✩✩✩✩✩✩

Nikahdating Advert

1512 – وَعَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَبْتَسِمُ فَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1512 – ( «وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ضَاحِكًا» ) : حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ.
(حَتَّى أَرَى) أَيْ: أُبْصِرَ.
(مِنْهُ لَهَوَاتِهِ) : جَمْعُ لَهَاةٍ، وَهِيَ لَحْمَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى الْحَلْقِ، وَقِيلَ: هِيَ قَعْرُ الْفَمِ قَرِيبٌ مِنْ أَصْلِ اللِّسَانِ.
(إِنَّمَا كَانَ يَبْتَسِمُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَبَيْنَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ ظُهُورُ النَّوَاجِذِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ فِي الضَّحِكَ وَظُهُورِ اللَّهَوَاتِ؟ قُلْتُ: مَا قَالَتْ عَائِشَةُ لَمْ يَكُنْ، بَلْ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ شَهِدَ مَا لَمْ تَشْهَدْهُ عَائِشَةُ، وَأَثْبَتَ مَا لَيْسَ فِي خَبَرِهَا، وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنَ النَّافِي، أَوْ كَانَ التَّبَسُّمُ عَلَى سَبِيلِ الْأَغْلَبِ وَظُهُورُ النَّوَاجِذِ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالنَّوَاجِذِ مُطْلَقُ الْأَسْنَانِ أَيْ: لَا أَوَاخِرُهَا.
قَالَ مِيرَكُ: جَوَابُهُ الْأَوَّلُ غَيْرُ سَدِيدٍ ; لِأَنَّ ظُهُورَ النَّوَاجِذِ ثَبُتَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا كَمَا سَبَقَ، وَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا) أَيْ: سَحَابًا.
(أَوْ رِيحًا عُرِفَ) أَيِ: التَّغْيِيرُ.
(فِي وَجْهِهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: ظَهَرَ أَثَرُ الْخَوْفِ فِي وَجْهِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ ذَلِكَ السَّحَابِ أَوِ الرِّيحِ مَا فِيهِ ضَرَرُ النَّاسِ، دَلَّ نَفْيُ الضَّحِكَ الْبَلِيغِ عَلَى أَنَّهُ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – لَمْ يَكُنْ فَرِحًا لَاهِيًا بَطِرًا، وَدَلَّ إِثْبَاتُ التَّبَسُّمِ عَلَى طَلَاقَةِ وَجْهِهِ، وَدَلَّ أَثَرُ خَوْفِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْغَيْمِ أَوِ الرِّيحِ عَلَى رَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى الْخَلْقِ، وَهَذَا هُوَ الْخُلُقُ الْعَظِيمُ.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

✩✩✩✩✩✩✩

1513 – وَعَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ “، وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَ: ” لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ، كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] » “.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: ” رَحْمَةً “.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1513 – (وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ.
(قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ” إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ) أَيِ: اشْتَدَّ هُبُوبُهَا.
(قَالَ: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا) أَيْ: خَيْرَ ذَاتِهَا.
(وَخَيْرَ مَا فِيهَا) أَيْ: مِنْ مَنَافِعِهَا كُلِّهَا.
(وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ) أَيْ: بِخُصُوصِهَا فِي وَقْتِهَا، وَهُوَ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: يُحْتَمَلُ الْفَتْحُ عَلَى الْخِطَابِ، وَشَرِّ مَا أَرْسِلَتْ، عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ ; لِيَكُونَ مِنْ قَبِيلِ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، وَقَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” الْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ “.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَأُرْسِلَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ فِيهِمَا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ أَوْ لِلْفَاعِلِ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ احْتِمَالِ مَا قَالَهُ، مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى ذَلِكَ الْمِنْوَالِ، فَيَكُونُ مُتَضَمِّنًا لِنُكْتَةٍ شَرِيفَةٍ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْأَذْوَاقِ وَالْأَحْوَالِ.
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ.
وَكَتَبَ مِيرَكُ فَوْقَهُ: صَحَّ، إِشَارَةً إِلَى عَدَمِ الْخِلَافِ.
(وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ) أَيْ: تَغَيَّمَتْ وَتَخَيَّلَ مِنْهَا الْمَطَرُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: السَّمَاءُ هُنَا بِمَعْنَى السَّحَابِ، وَتَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ إِذَا ظَهَرَ فِي السَّمَاءِ أَثَرُ الْمَطَرِ.
وَفِي النِّهَايَةِ: وَمِنْهُ إِذَا رَأَى الْمَخِيلَةَ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ؛ الْمَخِيلَةُ: مَوْضِعُ الْخَيَالِ، وَهُوَ الظَّنُّ كَالْمَظِنَّةِ، وَهِيَ السَّحَابَةُ الْخَلِيقَةُ بِالْمَطَرِ.
(تَغَيَّرَ لَوْنُهُ) : مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، وَتَعْلِيمًا لَهُمْ فِي مُتَابَعَتِهِ.
(وَخَرَجَ) : مِنَ الْبَيْتِ تَارَةً.
(وَدَخَلَ) : أُخْرَى.
(وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ) فَلَا يَسْتَقِرُّ فِي حَالٍ مِنَ الْخَوْفِ.
(فَإِذَا) : وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ.
(مَطَرَتْ) أَيِ: السَّحَابُ، يُقَالُ: مَطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَمْطَرَتْ: بِمَعْنًى.
(سُرِّيَ عَنْهُ) أَيْ: كُشِفَ الْخَوْفُ وَأُزِيلَ عَنْهُ.
فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ: سَرَوْتُ الثَّوْبَ وَسَرَّيْتُهُ إِذَا خَلَعْتُهُ وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةُ، وَتَجْوِيزُ ابْنِ حَجَرٍ التَّخْفِيفَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ.
(فَعَرَفَتْ ذَلِكَ) أَيِ: التَّغَيُّرَ.
(عَائِشَةُ، فَسَأَلَتْهُ) أَيْ: عَنْ سَبَبِهِ.
(قَالَ: ” لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ) : قِيلَ: لَعَلَّ هَذَا الْمَطَرَ، وَالظَّاهِرُ لَعَلَّ هَذَا السَّحَابَ.
(كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ) : الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: مِثْلُ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ قَوْمُ عَادٍ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ أَيِ: السَّحَابَ.
{عَارِضًا} [الأحقاف: 24] أَيْ: سَحَابًا عَرَضَ: {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24] أَيْ: صَحَارِيهِمْ وَمَحَالِّ مَزَارِعِهِمْ.
قَالُوا: ظَنَّا أَنَّهُ سَحَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] أَيْ: سَحَابٌ عَرَضَ لِيُمْطِرَ.
قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24] أَيْ: مِنَ الْعَذَابِ: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 24] ، فَظَهَرَتْ مِنْهُ رِيحٌ فَأَهْلَكَتْهُمْ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمَنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: ” رَحْمَةً) : بِالنَّصْبِ، أَيِ: اجْعَلْهُ رَحْمَةً وَلَا عَذَابًا، وَبِالرَّفْعِ أَيْ: هَذِهِ رَحْمَةٌ.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْجَزَرِيِّ فِي التَّصْحِيحِ حَيْثُ قَالَ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ ذَكَرَهُ مِيرَكُ.
وَفِي الْحِصْنِ: إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: ” «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» “.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

✩✩✩✩✩✩✩

You Can Do It

1514 – وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] الْآيَةَ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

1514 – (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ) قِيلَ: هُوَ جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْمَخْزَنُ، أَيْ: خَزَائِنُ الْغَيْبِ.
(خَمْسٌ) : لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ.
وَرُوِيَ: مَفَاتِحُ وَهُوَ جَمْعُ مِفْتَاحٍ، أَيِ: الْعُلُومُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ.
فِي النِّهَايَةِ: الْمَفَاتِيحُ وَالْمَفَاتِحُ جَمَعُ مِفْتَاحٍ وَمَفْتَحٍ، وَهُمَا فِي الْأَصْلِ كُلُّ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى اسْتِخْرَاجِ الْمُغْلَقَاتِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إِلَيْهَا، وَالْمَعْنَى لَا يَعْلَمُ كُلِّيَّاتِهَا غَيْرُ اللَّهِ، وَقَدْ يَطَّلِعُ بَعْضُ أَصْفِيَائِهِ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ مِنْهُنَّ.
(ثُمَّ قَرَأَ) أَيْ: بَيَانًا لِتِلْكَ الْخَمْسِ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَيْ: لَا عِنْدَ غَيْرِهِ: عِلْمُ السَّاعَةِ أَيْ: عِلْمُ وَقْتِ قِيَامِهَا، وَيُنَزِّلُ: بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ الْغَيْثَ أَيْ: يُرْسِلُ الْمَطَرَ الَّذِي يُغِيثُ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ فِي أَزْمِنَةٍ وَأَمْكِنَةٍ، وَكَمِّيَّةٍ وَكَيْفِيَّةٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ.
(الْآيَةَ) : بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ اقْرَأْ، أَوِ اذْكُرْ بَقِيَّةَ الْآيَةِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ خَبَرَهَا مَحْذُوفٌ أَيِ: الْآيَةُ مَشْهُورَةٌ، وَبِالْجَرِّ أَيْ: إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَهُوَ: يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ، وَأَبْيَضُ وَأَسْوَدُ، وَطَوِيلٌ وَقَصِيرٌ، وَسَعِيدٌ وَشَقِيٌّ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهُ إِلَّا هُوَ، وَلَا يُعْلَمُ مُجْمَلُهُ بِحَسَبِ خَرْقِ الْعَادَةِ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34] فِي الدُّنْيَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ.
وَفِي الْآخِرَةِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ} [لقمان: 34] أَيْ: بِأَيِّ قِطْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَمُوتُ أَوْ بِأَيِّ أَرْضٍ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْكُفْرِ.
وَقِيلَ: بِأَيِّ قَدَمٍ وَمَرْتَبَةٍ تَمُوتُ.
(إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) .
أَيْ: بِمَا ذَكَرَ وَغَيْرِهُ مِنَ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ، أَلَا يَعْلَمَ مَنْ خَلَقَ خَبِيرٌ أَيْ: مُطَّلِعٌ عَلَى خَفَايَا الْأُمُورِ، أَوْ مُخْبِرٌ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ أُمُورِهِ.
(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

✩✩✩✩✩✩✩

Transform Your Home Into a Cash Machine

1515 – وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا، وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا» ” رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1515 – (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” لَيْسَتِ السَّنَةُ) أَيِ: الْقَحْطُ الشَّدِيدُ.
فِي النِّهَايَةِ: السَّنَةُ الْجَدْبُ، وَهِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ، وَيُقَالُ: أَسْنَتُوا إِذَا أَجْدَبُوا قَلَبُوا لَامَهَا تَاءً.
(بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا) أَيْ: لَا يَنْزِلُ عَلَيْكُمُ الْمَطَرُ.
(وَلَكِنْ) : بِالتَّخْفِيفِ.
(السَّنَةُ) أَيْ: قَدْ تَكُونُ.
(أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا) : التَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّكْثِيرِ.
(وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا) ؛ قَالَ الْقَاضِي: الْمَعْنَى أَنَّ الْقَحْطَ الشَّدِيدَ لَيْسَ بِأَنْ لَا يُمْطَرَ، بَلْ بِأَنْ يُمْطَرَ وَلَا يَنْبُتَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ حُصُولَ الشِّدَّةِ بَعْدَ تَوَقُّعِ الرَّخَاءِ، وَظُهُورِ مَخَائلِهِ وَأَسْبَابِهِ أَفْظَعُ مِمَّا إِذَا كَانَ الْيَأْسُ حَاصِلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَالنَّفْسُ مُتَرَقِّبَةً لِحُدُوثِهَا.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

✩✩✩✩✩✩✩

Business and Website Traffic

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1516 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: ” «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ، فَلَا تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَعُوذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا» ” رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، والْبَيْهَقِيُّ فِي ” الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ “.

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1516 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: ” «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: مِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى، يُرِيحُ بِهَا عِبَادَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] وَإِتْيَانُهَا بِالْعَذَابِ لِلْكُفَّارِ، وَرَحْمَةٌ لِلْأَبْرَارِ حَيْثُ تَخَلَّصُوا مِنْ أَيْدِي الْفُجَّارِ.
(تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ، فَلَا تَسُبُّوهَا) أَيْ: بِلُحُوقِ ضَرَرٍ مِنْهَا ; فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ مَقْهُورَةٌ.
قَالَ الرَّاغِبُ: الرَّوْحُ: التَّنَفُّسُ، وَقَدْ رَاحَ الْإِنْسَانُ إِذَا تَنَفَّسَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] أَيْ: مِنْ فَرَحِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَذَلِكَ بَعْضُ الرَّوْحِ.
قَالَ الْمُظْهِرُ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَكُونُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْ: رَحْمَتِهِ مَعَ أَنَّهَا تَجِيءُ بِالْعَذَابِ؟ ! فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَذَابٌ لِقَوْمٍ ظَالِمِينَ، رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45] الْكَشَّافُ: فِيهِ إِيذَانٌ بِوُجُوبِ الْحَمْدِ عِنْدَ إِهْلَاكَ الظَّلَمَةِ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَجْزَلَ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: بِأَنَّ الرُّوحَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيِ: الرَّائِحُ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الرِّيحَ مِنْ رَوَائِحِ اللَّهِ تَعَالَى ” أَيْ: مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَجِيءُ مَنْ حَضَرَتْهُ بِأَمْرِهِ، فَتَارَةً تَجِيءُ بِالرَّحْمَةِ وَأُخْرَى بِالْعَذَابِ، فَلَا يَجُوزُ سَبُّهَا، بَلْ تَجِبُ التَّوْبَةُ عِنْدَ التَّضَرُّرِ بِهَا وَهُوَ تَأْدِيبٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَأْدِيبُهُ رَحْمَةٌ لِلْعِبَادِ.
(وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَعُوذُوا مِنْ شَرِّهَا) قِيلَ: الرِّيَاحُ ثَمَانٍ.
أَرْبَعٌ لِلرَّحْمَةِ: النَّاشِرَاتُ، وَالذَّارِيَاتُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَالْمُبَشِّرَاتُ.
وَأَرْبَعٌ لِلْعَذَابِ: الْعَاصِفُ، وَالْقَاصِفُ، وَهُمَا فِي الْبَحْرِ.
وَالصَّرْصَرُ، وَالْعَقِيمُ، وَهُمَا فِي الْبَرِّ.
(رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ.

✩✩✩✩✩✩✩

Nikahdating Advert

1517 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: ” لَا تَلْعَنُوا الرِّيحَ ; فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَأَنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ، رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ» “.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

1517 – (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: ” «لَا تَلْعَنُوا الرِّيحَ ; فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ» ) أَيْ: إِمَّا بِالرَّحْمَةِ، أَوْ بِالنِّقْمَةِ.
(وَإِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ.
(مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ) أَيْ: ذَلِكَ الشَّيْءُ.
(لَهُ) أَيِ: اللَّعْنُ.
(بِأَهْلٍ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: لَيْسَ لَهُ: صِفَةُ (شَيْئًا) ، وَاسْمُهُ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إِلَيْهِ، وَالضَّمِيرُ فِي (لَهُ) رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ لَعَنَ، وَفِي عَلَيْهِ إِلَى (مَنْ) عَلَى تَضْمِينِ (رَجَعَتْ) مَعْنَى اسْتَقَلَّتْ، يَعْنِي مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ ذَلِكَ الشَّيْءُ أَهْلًا لِلَّعْنِ.
(رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى اللَّاعِنِ أَيِ: اسْتَقَلَّتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ رَاجِعَةً ; لِأَنَّ اللَّعْنَ طَرْدٌ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ طَرَدَ مَا هُوَ أَهْلٌ لِرَحْمَةِ اللَّهِ عَنْ رَحْمَتِهِ جُعِلَ مَطْرُودًا.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الصِّفَاتُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلَّعْنِ ثَلَاثٌ: الْكُفْرُ، وَالْبِدْعَةُ، وَالْفِسْقُ، وَلَيْسَتِ الرِّيحُ مُتَّصِفَةً بِوَاحِدَةٍ.
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ مِيرَكُ: وَزَادَ: لَا نَعْرِفُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ بَشِيرِ بْنِ عُمَرَ كَذَا فِي التَّخْرِيجِ، وَبَشِيرٌ هُوَ الزَّهْرَانِيُّ، ثِقَةٌ؛ كَذَا فِي التَّصْحِيحِ.

✩✩✩✩✩✩✩

PlantingTheSeeds-banner

1518 – وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» “.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

1518 – (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ) : فَإِنَّ الْمَأْمُورَ مَعْذُورٌ.
(فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ) أَيْ: رِيحًا تَكْرَهُونَهَا لِشِدَّةِ حَرَارَتِهَا، أَوْ بُرُودَتِهَا، أَوْ تَأَذَّيْتُمْ لِشِدَّةِ هُبُوبِهَا.
(فَقُولُوا) أَيْ: رَاجِعِينَ إِلَى خَالِقِهَا وَآمِرِهَا.
« (اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ» “: عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
( «وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» “.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْ: وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

✩✩✩✩✩✩✩

islamship banner

1519 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: «مَا هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إِلَّا جَثَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى رُكْبَتِهِ وَقَالَ: ” اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا» “.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر: 19] ، وَ: {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] ، وَ: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] ، وَ: {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46] .
رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، والْبَيْهَقِيُّ فِي ” الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ “.

1519 – (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إِلَّا جَثَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: قَعَدَ.
(عَلَى رُكْبَتَيْهِ) : كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، فَفِيهِ تَجْرِيدٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: هِيَ أَصْلُ السَّيِّدِ عَلَى رُكْبَتِهِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ، وَكَانَ هَذَا مِنْهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَعَالَى، خَوْفًا عَلَى أُمَّتِهِ، وَتَعْلِيمًا لَهُمْ فِي تَبَعِيَّتِهِ.
(وَقَالَ: ” اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً) أَيْ: لَنَا.
(وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا) أَيْ: عَلَيْنَا.
(اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا “.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) : أَوْرَدَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَأْيِيدًا لِقَوْلِهِ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «رِيَاحًا وَرِيحًا» ، فَقَوْلُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ: إِلَخْ مُبْتَدَأٌ بِتَقْدِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الرِّيَاحَ بِالْجَمْعِ لِلْخَيْرِ، وَالرِّيحَ بِالْإِفْرَادِ لِلشَّرِّ، وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ: {رِيحًا صَرْصَرًا} [فصلت: 16] .
أَيْ: شَدِيدُ الْبَرْدِ.
وَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ: بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ، وَبِكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَصْلًا {الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] أَيْ: مَا لَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ، {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ} [الحجر: 22] : تَفَرَّدَ حَمْزَةُ بِتَوْحِيدِهِ، {لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] .
جَمْعُ لَاقِحَةٍ، بِمَعْنَى تُلَقِّحُ الْأَشْجَارَ وَتَجْعَلُهَا حَامِلَةً بِالْأَثْمَارِ، أَنْ يُرْسِلَ: هَذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَمُطَابِقٌ لِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَأَمَّا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَصْلُ السَّيِّدِ: وَأَرْسَلْنَا فَهُوَ خَطٌّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ الْقُرْآنُ.
الرِّيَاحَ: لَا خِلَافَ فِي جَمْعِهِ، وَوَهِمَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي ثَانِيهِ {مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: 46] وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ: قَالَ الطِّيبِيُّ: مُعْظَمُ الشَّارِحِينَ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلْحَدِيثِ، نَقَلَ الشَّيْخُ التُّورِبِشْتِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ: أَنَّهُ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ جِدًّا، وَأَبَى أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَنِ، وَأَنْكَرَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَفْسِيرَهُ كَمَا فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ اسْتَشْهَدَ أَيِ: الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22] الْآيَةَ.
وَبِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ جُلَّ اسْتِعْمَالِ الرِّيحِ الْمُفْرَدَةِ فِي الْبَابِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ التُّورِبِشْتِيُّ: وَالَّذِي قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا مَتِينًا فَإِنَّا نَرَى أَنْ لَا نَتَسَارَعَ إِلَى رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ تَيَسَّرَ عَلَيْنَا تَأْوِيلُهُ وَنُخْرِجُ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلنُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ أَنْ نَقُولَ التَّضَادَّ الَّذِي جَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ فِي الْهَرَبِ مِنْهُ: إِنَّمَا نَشَأَ مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي نَقَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِتَأْوِيلٍ يُمْكِنُ مَعَهُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّصُوصِ الَّتِي عَارَضَهُ بِهَا أَبُو جَعْفَرٍ، وَذَلِكَ أَنْ نَذْهَبَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ سَأَلَ النَّجَاةَ مِنَ التَّدْمِيرِ بِتِلْكَ الرِّيحِ، فَإِنَّهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ مُهْلِكَةً لَمْ يَعْقُبْهَا أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُوجَدُ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ، وَنَسْتَنْشِقُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَكَأنَّهُ قَالَ: لَا تُدَمِّرْنَا بِهَا، فَلَا تُمِرَّ عَلَيْنَا بَعْدَهَا، وَلَا تَهُبُّ دُونَنَا جَنُوبٌ وَلَا شَمَالٌ، بَلْ أَفْسِحْ فِي الْمُدَّةِ حَتَّى تَهُبَّ عَلَيْنَا أَرْوَاحٌ كَثِيرَةٌ بَعْدَ هَذِهِ الرِّيحِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّ الرِّيَاحَ إِذَا كَثُرَتْ جَلَبَتِ السَّحَابَ، وَكَثُرَتِ الْأَمْطَارُ، فَزَكَتِ الزُّرُوعُ وَالْأَشْجَارُ، وَإِذَا لَمْ تَكْثُرْ وَكَانَتْ رِيحًا وَاحِدَةً، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَقِيمَةً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَلْقَحُ السَّحَابُ إِلَّا مِنْ رِيَاحٍ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُطَابِقٌ لِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ التَّنْزِيلِ دُونَ أَصْحَابِ اللُّغَةِ إِذَا حُكِمَ عَلَى الرِّيحِ وَالرِّيَاحِ مُطْلَقَيْنِ.
كَانَ إِطْلَاقُ الرِّيحِ غَالِبًا فِي الْعَذَابِ وَالرِّيَاحِ فِي الرَّحْمَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا تُرَدُّ تِلْكَ الْآيَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْوَصْفِ، وَلَا تِلْكَ الْأَحَادِيثُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا قُيِّدَتِ الْآيَةُ بِالْوَصْفِ وَوُحِّدَتْ ; لِأَنَّهَا فِي حَدِيثِ الْفُلْكِ وَجَرَيَانِهَا فِي الْبَحْرِ، فَلَوْ جُمِعَتْ لَأَوْهَمَتِ اخْتِلَافَ الرِّيَاحِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعَطَبِ أَوِ الِاحْتِبَاسِ، وَلَوْ أُفْرِدَتْ وَلَمْ تُقَيَّدْ بِالْوَصْفِ لَآذَنَتْ بِالْعَذَابِ وَالدَّمَارِ، وَلِأَنَّهَا أُفْرِدَتْ وَكُرِّرَتْ لِيُنَاطَ بِهِ مَرَّةً طَيِّبَةٌ وَأُخْرَى عَاصِفٌ، وَلَوْ جُمِعَتْ لَمْ يَسْتَقِمِ التَّعَلُّقُ.

✩✩✩✩✩✩✩

You Can Do It

1520 – وَعَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا أَبْصَرْنَا شَيْئًا مِنَ السَّمَاءِ – تَعْنِي السَّحَابَ – تَرَكَ عَمَلَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ، وَقَالَ: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ “، فَإِنْ كَشَفَهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ مَطَرَتْ قَالَ: ” سَقْيًا نَافِعًا» “.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ.

1520 – (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا أَبْصَرْنَا شَيْئًا) ” أَيْ: سَحَابًا خَارِجًا.
(مِنَ السَّمَاءِ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: سُمِّيَ السَّحَابُ نَاشِئًا ; لِأَنَّهُ يَنْشَأُ مِنَ الْأُفُقِ يُقَالُ: نَشَأَ: أَيْ: خَرَجَ، أَوْ يَنْشَأُ فِي الْهَوَاءِ أَيْ: يَظْهَرُ، أَوْ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ مِنَ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ مِنَ الْبِحَارِ وَالْأَرَاضِي النَّزَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(- تَعْنِي) أَيْ: تُرِيدُ عَائِشَةُ بِقَوْلِهِ: نَاشِئًا.
(السَّحَابَ -) : جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ لِتَفْسِيرِ اللُّغَةِ مِنَ الرَّاوِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَزَائِهِ وَهُوَ قَوْلُهَا: (تَرَكَ) أَيِ: النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(عَمَلَهُ) : الْمُشْتَغِلَ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ.
(وَاسْتَقْبَلَهُ) أَيِ: السَّحَابَ.
(وَقَالَ: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ ” فَإِنْ) الْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ أَيْ: فَإِنْ (كَشَفَهُ اللَّهُ) أَيْ: أَذْهَبَ اللَّهُ ذَلِكَ السَّحَابَ وَلَمْ يُمْطِرْ.
(حَمِدَ اللَّهَ) أَيْ: عَلَى النَّجَاةِ مِنْ شَرِّهِ.
(وَإِنْ مَطَرَتْ قَالَ: ” اللَّهُمَّ سَقْيًا) : بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا أَيِ: اسْقِنَا سَقْيًا، أَوْ أَسْأَلُكَ سَقْيًا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَنَصَبَهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ عَنِ اللَّفْظِ بِفِعْلِهِ فَمَحَلُّ بَحْثٍ.
(نَافِعًا) .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ أَيْ: لَفْظُ الْحَدِيثِ لِلشَّافِعِيِّ وَلِلْبَاقِينَ مَعْنَاهُ.

✩✩✩✩✩✩✩

1521 – وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ: ” اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ» ” رَوَاهُ.
أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

1521 – (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ) : بِإِضَافَةِ الْعَامِّ إِلَى الْخَاصِّ لِلْبَيَانِ، فَالرَّعْدُ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلِكَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّافِعِيُّ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ وَالْبَرْقَ أَجْنِحَتُهُ يَسُوقُ السَّحَابَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَسْمُوعُ صَوْتَهُ أَوْ صَوْتَ سَوْقِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ، وَنَقَلَ الْبَغَوِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ، وَالْمَسْمُوعَ تَسْبِيحُهُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، وَأَنَّهُ يُحْرِزُ الْمَاءَ فِي نُقْرَةِ إِبْهَامِهِ، وَأَنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ فِي السَّمَاءِ إِلَّا سَبَّحَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْزِلُ الْمَطَرُ، وَرُوِيَ: أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” «بَعَثَ اللَّهُ السَّحَابَ فَنَطَقَتْ أَحْسَنَ النُّطْقِ، وَضَحِكَتْ أَحْسَنَ الضَّحِكَ، فَالرَّعْدُ نُطْقُهَا، وَالْبَرْقُ ضَحِكُهَا» “.
وَقِيلَ: الْبَرْقُ لَمَعَانُ سَوْطِ الرَّعْدِ يُزْجَرُ بِهِ السَّحَابُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّ الرَّعْدَ صَوْتُ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ، وَالْبَرْقَ مَا يُقْدَحُ مِنَ اصْطِكَاكِهَا، فَهُوَ مِنْ حَزْرِهِمْ وَتَخْمِينِهِمْ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(وَالصَّوَاعِقَ) : بِالنَّصْبِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَأَحَسَّ الصَّوَاعِقَ مِنْ بَابِ.
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا أَوْ أُطْلِقَ السَّمْعُ، وَأُرِيدَ بِهِ الْحِسُّ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْجُزْءِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الرَّعْدِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ الصَّاعِقَةِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: قِيلَ: هِيَ نَارٌ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ فِي رَعْدٍ شَدِيدٍ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا قَبْلَهُ، وَقِيلَ: الصَّاعِقَةُ صَيْحَةُ الْعَذَابِ أَيْضًا، وَتُطْلَقُ عَلَى صَوْتٍ شَدِيدٍ غَايَةَ الشِّدَّةِ يُسْمَعُ مِنَ الرَّعْدِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى صَوْتِ الرَّعْدِ أَيْ: صَوْتِ السَّحَابِ، فَالْمُرَادُ بِالرَّعْدِ السَّحَابُ بِقَرِينَةِ إِضَافَةِ الصَّوْتِ إِلَيْهِ، أَوِ الرَّعْدُ صَوْتُ السَّحَابِ فَفِيهِ تَجْرِيدٌ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هِيَ قَعْقَعَةُ رَعْدٍ يَنْقَضُّ مَعَهَا قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ، يُقَالُ: صَعَقَتْهُ الصَّاعِقَةُ إِذَا أَهْلَكَتْهُ فَصَعِقَ أَيْ: مَاتَ إِمَّا لِشَدَّةِ الصَّوْتِ، وَإِمَّا بِالْإِحْرَاقِ.
(قَالَ: ” «اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ» ) : الْغَضَبُ اسْتِعَارَةٌ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ الْحَالَةُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْمَلَكِ عِنْدَ انْفِعَالِهِ وَغَلَيَانِ دَمِهِ، ثُمَّ الِانْتِقَامُ مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ، وَأَكْبَرُ مَا يَنْتَقِمُ بِهِ الْقَتْلُ ; فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ، وَرَشَّحَ الِاسْتِعَارَةَ بِهِ عُرْفًا، وَأَمَّا الْإِهْلَاكُ وَالْعَذَابُ فَجَارِيَانِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَعَافِنَا) أَيْ: أَمِتْنَا بِالْعَافِيَةِ.
(قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْلَ نُزُولِ عَذَابِكَ.
(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَهُ طُرُقٌ.

✩✩✩✩✩✩✩

Develop Your Financial IQ specific

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1522 – عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.
رَوَاهُ مَالِكٌ.

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1522 – (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ) أَيْ: صَوْتَهُ (تَرَكَ الْحَدِيثَ) أَيِ: الْكَلَامَ مَعَ الْأَنَامِ.
(وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ) : وَهُوَ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَالْمَعْنَى يُنَزِّهُهُ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا.
(بِحَمْدِهِ) : لَهُ تَعَالَى.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِسْنَادُهُ مَجَازِيٌّ ; لِأَنَّ الرَّعْدَ سَبَبٌ لِأَنْ يُسَبِّحَ اللَّهَ السَّامِعُ حَامِدًا لَهُ خَائِفًا رَاجِيًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ فَنِسْبَةُ التَّسْبِيحِ إِلَيْهِ حَقِيقَةٌ.
(وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: مِنْ خَوْفِ الرَّعْدِ ; فَإِنَّهُ رَئِيسُهُمْ.
(رَوَاهُ مَالِكٌ) : وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ، فَقَالَ لَنَا كَعْبٌ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثًا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ.
فَقُلْنَا فَعُوفِينَا.
وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ قَالَهُ فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَعَلَيَّ دِيَتُهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ لَا نُتْبِعَ أَبْصَارَنَا الْكَوْكَبَ إِذَا انْقَضَّ، وَأَنْ نَقُولَ عِنْدَ ذَلِكَ: مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ: إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ: «مَا مِنْ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ إِلَّا وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ فِيهَا يُصَرِّفُهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ يَشَاءُ» ، وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ كَعْبٍ: أَنَّ السُّيُولَ سَتَعْظُمُ آخِرَ الزَّمَانِ.
قَالَ مِيرَكُ: إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

✩✩✩✩✩✩✩

 

Visits: 0

Nikahdating Advert

Leave a Comment

 
Scroll to Top