Success Habits
Develop Your Financial IQ specific

باب الامامة [26] بَابُ الْإِمَامَةِ

islamship bannere

باب الامامة
[26] بَابُ الْإِمَامَةِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1117 – «عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ ; فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ ; فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ; فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ.
وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» “.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: ” «وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ» “.
[26] بَابُ الْإِمَامَةِ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: مَصْدَرُ أَمَّ الْقَوْمَ فِي صَلَاتِهِمْ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1117 – (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) أَيِ: الْأَنْصَارِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيِ: الْبَدْرِيِّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَؤُمُّ الْقَوْمَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيْ: لِيَؤُمَّهُمْ (أَقْرَؤُهُمْ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ أَحْسَنُهُمْ قِرَاءَةً (لِكِتَابِ اللَّهِ) اهـ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ قِرَاءَةً.
بِمَعْنَى أَحْفَظُهُمْ لِلْقُرْآنِ، كَمَا وَرَدَ: أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا، قِيلَ: إِنَّمَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَقْرَأَ ; لِأَنَّ الْأَقْرَأَ فِي زَمَانِهِ كَانَ أَفْقَهَ ; إِذْ لَوْ تَعَارَضَ فَضْلُ الْقِرَاءَةِ فَضْلَ الْفِقْهِ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَصِحُّ لَهُ الصَّلَاةُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، فَيَئُولُ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى تَقَدُّمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْفِقْهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْفِقْهَ مُقَدَّمَانِ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْفِقْهِ مَعَ الْقِرَاءَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى تَقَدُّمِهَا عَلَى الْفِقْهِ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ بَعْضُهُمْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْفِقْهَ أَوْلَى إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ ; لِأَنَّ الْفَقِيهَ يَعْلَمُ مَا يَجِبُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْحَوَادِثِ غَيْرُ مَحْصُورٍ، وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْمُصَلِّي مَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا، (فَإِنْ كَانُوا) أَيِ: الْقَوْمُ (فِي الْقِرَاءَةِ) أَيْ: فِي مِقْدَارِهَا، أَوْ حُسْنِهَا، أَوْ عَمَلِهَا، أَوْ فِي الْعِلْمِ بِهَا (سَوَاءً) أَيْ: مُسْتَوِينَ (فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: أَرَادَ بِهَا الْأَحَادِيثَ فَالْأَعْلَمُ بِهَا كَانَ هُوَ الْأَفْقَهَ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقِرَاءَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِقْهِ كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَبِهِ عَمِلَ أَبُو يُوسُفَ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَقَالَا: الْفَقِيهُ أَوْلَى إِذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْقُرْآنِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ ; لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْفِقْهِ أَكْثَرُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ: بِأَنَّ الْأَقْرَأَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ أَعْلَمَ بِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي زَمَانِنَا.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يُقَدِّمُ الْأَقْرَأَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ لِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَصَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ، بَلْ لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ فِي حَيَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَكِنْ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا.
وَأَجَابَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ; بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَأِ فِي الْخَبَرِ الْأَفْقَهُ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُرْآنِ فَقَدِ اسْتَوَوْا فِي فِقْهِهِ، فَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمْ بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ، فَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا، بَلْ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ الْأَفْقَهِ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى مَنْ دُونَهُ، وَلَا نِزَاعَ فِيهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَأِ الْأَكْثَرُ حِفْظًا لَا قُرْآنًا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: ” أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ “، ” وَأَكْثَرُهُمْ قِرَاءَةً “، فَقَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُمْ قِرَاءَةً يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا، وَفِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ: ” «وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» ” اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَالسَّبْقِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالسِّنِّ، وَالْوَرَعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَبِهَذَا صَارَ أَفْضَلَهُمْ، وَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ مِنْ وَجْهٍ عَلَى الْأَفْضَلِ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ مَوْضِعُ زَلَلٍ وَمَحَلُّ خَطَلٍ.
(فَإِنْ كَانُوا) أَيْ: بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ (فِي السُّنَّةِ) أَيْ: فِي الْعِلْمِ بِهَا ; لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالرِّوَايَةِ دُونَ الدِّرَايَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ (سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً) أَيْ: انْتِقَالًا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ، فَمَنْ هَاجَرَ أَوَّلًا فَشَرَفُهُ أَكْثَرُ مِمَّنْ هَاجَرَ بَعْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: 10] الْآيَةَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْهِجْرَةُ الْيَوْمَ مُنْقَطِعَةٌ وَفَضِيلَتُهَا مَوْرُوثَةٌ، فَأَوْلَادُ الْمُهَاجِرِينَ مُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ اهـ.
وَهُوَ مَوْضِعُ بَحْثٍ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَالْمُعْتَبَرُ الْيَوْمَ الْهِجْرَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ، وَهِيَ الْهِجْرَةُ مِنَ الْمَعَاصِي، فَيَكُونُ الْأَوْرَعُ أَوْلَى.
(فَإِنْ كَانُوا) أَيْ: بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِيمَا سَبَقَ (فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَقْدَمِ فِي الْهِجْرَةِ وَالْأَسْبَقِ فِي الْإِيمَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَأَقْدَمُهُمْ مُسْلِمًا، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْأَسَنُّ أَقْدَمَ ; لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ الْمُخْتَارُ الْجُمْهُورُ حَدِيثُ: ” «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ» ” وَكَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ لَا أَعْلَمُ دَلِيلَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ» “، وَدَلِيلَ الثَّانِي قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، وَهَذَا آخِرُ الْأَمْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
أَقُولُ: وَلِزِيَادَةِ سَبْقِهِ بِالْإِيمَانِ وَتَقَدُّمِهِ فِي الْهِجْرَةِ وَكِبَرِ سِنِّهِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ: وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ» ” فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فَالضَّعِيفُ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا بَعْدَ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ، وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْهِجْرَةِ، وَقَدِ انْتَسَخَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ فَوَضَعُوا مَكَانَهَا الْهِجْرَةَ عَنِ الْخَطَايَا.
وَفِي حَدِيثِ: الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا هَاجَرَ فَالَّذِي نَشَأَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى مِنْهُ إِذَا اسْتَوَيَا فِيمَا قَبْلَهَا وَكَذَا إِذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الْفَضَائِلِ، إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْدَمُ وَرَعًا قُدِّمَ، وَحَدِيثُ: ” «وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» ” تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَذَانِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاءً فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَحْسَبُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهًا، ثُمَّ إِنِ اسْتَوَوْا فِي الْحُسْنِ فَأَشْرَفُهُمْ نَسَبًا، فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي هَذِهِ كُلِّهَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ أَوِ الْخِيَارُ إِلَى الْقَوْمِ.
( «وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ) أَيْ: فِي مَظْهَرِ سَلْطَنَتِهِ وَمَحَلِّ وِلَايَتِهِ، أَوْ فِيمَا يَمْلِكُهُ، أَوْ فِي مَحَلٍّ يَكُونُ فِي حُكْمِهِ، وَيُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى فِي أَهْلِهِ، وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ فِي بَيْتِهِ وَلَا سُلْطَانِهِ، وَلِذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ إِمَامَ الْمَسْجِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِ السُّلْطَانِ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شُرِعَتْ لِاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الطَّاعَةِ وَتَآلُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ، فَإِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى تَوْهِينِ أَمْرِ السَّلْطَنَةِ، وَخَلْعِ رِبْقَةِ الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَمَّهُ فِي قَوْمِهِ وَأَهْلِهِ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّقَاطُعِ، وَظُهُورِ الْخِلَافِ الَّذِي شُرِعَ لِدَفْعِهِ الِاجْتِمَاعُ، فَلَا يَتَقَدَّمُ رَجُلٌ عَلَى ذِي السَّلْطَنَةِ، لَا سِيَّمَا فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمُعَاتِ، وَلَا عَلَى إِمَامِ الْحَيِّ وَرَبِّ الْبَيْتِ إِلَّا بِالْإِذْنِ.
قَالَهُ الطِّيبِيُّ (وَلَا يَقْعُدْ) : بِالْجَزْمِ، وَقِيلَ بِالرَّفْعِ، أَيِ الرَّجُلُ (فِي بَيْتِهِ) أَيْ: بَيْتِ الرَّجُلِ الْآخَرِ (عَلَى تَكْرِمَتِهِ) : كَسَجَّادَتِهِ أَوْ سَرِيرِهِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ كَرَّمَ تَكْرِيمًا أُطْلِقَ مَجَازًا عَلَى مَا يُعَدُّ لِلرَّجُلِ إِكْرَامًا لَهُ فِي مَنْزِلِهِ (إِلَّا بِإِذْنِهِ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: ” «وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ» ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

✩✩✩✩✩✩✩

1118 – وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَيَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» “.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي بَابٍ بَعْدَ بَابِ ” فَضْلِ الْأَذَانِ “.

healthy primal banner advert

1118 – (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا كَانُوا) أَيِ: الْقَوْمُ (ثَلَاثَةً) أَيْ: وَاثْنَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الْخَبَرُ السَّابِقُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِهِمَا (فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ) إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِ إِمَامَةِ الْمَفْضُولِ (وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ) : فَإِنَّ إِمَامَتَهُ أَفْضَلُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمُونَ كِبَارًا، أَيْ غَالِبًا فَيَتَفَقَّهُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأُوا وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَتَعَلَّمُونَ الْقِرَاءَةَ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَقَّهُوا، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قَارِئٌ إِلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ اهـ.
فَالْعِبْرَةُ بِالْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ فَالْأَفْقَهُ بِالْمُعَامَلَاتِ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنَ الْأَقْرَأِ.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

✩✩✩✩✩✩✩

(وَذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي بَابٍ بَعْدَ ” فَضْلِ الْأَذَانِ) : وَالْحَدِيثُ هُوَ: قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي فَقَالَ: ” إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» ” فَفِيهِ تَفْضِيلُ الْإِمَامَةِ فَهُوَ بِبَابِ الْإِمَامَةِ أَوْلَى، فَلَا مَعْنَى لِتَغْيِيرِ التَّصْنِيفِ مَعَ وُجُودِ الْوَجْهِ الْأَدْنَى فَضْلًا عَنِ الْأَعْلَى، ثُمَّ يُحْتَاجُ إِلَى الِاعْتِذَارِ الْمُشِيرِ إِلَى الِاعْتِرَاضِ، لَا يُقَالُ صَدَرَ الْحَدِيثُ فِي الْأَذَانِ ; لِأَنَّ تَقْدِيمَهُ لِتَقَدُّمِهِ فِي الْوُجُودِ، وَمِنْهُ تَقَدُّمُ بِلَالٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ تَقَدُّمَ الْخَادِمِ عَلَى الْمَخْدُومِ، فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى فَضِيلَةِ الْإِمَامَةِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآتِي قَرِيبًا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ كَانَ فِي الْمَصَابِيحِ هُنَا فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ، فَذَكَرَهُ فِي بَابٍ بَعْدَ بَابِ فَضْلِ الْأَذَانِ، وَوَهَمَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَذَكَرَ فِي الْمَصَابِيحِ حَدِيثَ مَالِكٍ فِي بَابٍ بَعْدَ بَابِ فَضْلِ الْأَذَانِ فَرَاجِعْهُ اهـ.

Transform Your Home Into a Cash Machine

✩✩✩✩✩✩✩

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1119 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ» “.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1119 – (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ) : أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ (خِيَارُكُمْ) أَيْ: مَنْ هُوَ أَكْثَرُ صَلَاحًا لِيَحْفَظَ نَظَرَهُ عَنِ الْعَوْرَاتِ، وَيُبَالِغَ فِي مُحَافَظَةِ الْأَوْقَاتِ.
الْجَوْهَرِيُّ: الْخِيَارُ خِلَافُ الْأَشْرَارِ، وَالْخِيَارُ الِاسْمُ مِنَ الِاخْتِيَارِ، وَإِنَّمَا كَانُوا خِيَارًا لِمَا وَرَدَ أَنَّهُمْ أُمَنَاءُ ; لِأَنَّ أَمْرَ الصَّائِمِ مِنَ الْإِفْطَارِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُبَاشَرَةِ مَنُوطٌ إِلَيْهِمْ، وَكَذَا أَمْرُ الْمُصَلِّي لِحِفْظِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ بِهُمْ، فَهُمْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُخْتَارُونَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ.
(وَلْيَؤُمَّكُمْ) : بِسُكُونِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ (قُرَّاؤُكُمْ) : بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي أَصْلِ ابْنِ حَجَرٍ بِلَفْظِ: أَقْرَأُكُمْ فَمُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ الصَّحِيحَةِ، وَكُلَّمَا يَكُونُ أَقْرَأَ فَهُوَ أَفْضَلُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الْأَذْكَارِ وَأَطْوَلَهَا وَأَصْعَبَهَا فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِرَاءَةُ، وَفِيهِ تَعْظِيمٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَتَقْدِيمُ قَارِئِهِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى عُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ فِي الدَّارَيْنِ كَمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ فِي الدَّفْنِ.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَابْنُ مَاجَهْ، أَيْضًا.
وَفِي خَبَرٍ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَاكِمِ ” «إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» “.

Success rituals

✩✩✩✩✩✩✩

1120 – وَعَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْتِينَا إِلَى مُصَلَّانَا يَتَحَدَّثُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ يَوْمًا، قَالَ أَبُو عَطِيَّةَ: فَقُلْنَا لَهُ: تَقَدَّمَ فَصْلُهُ، قَالَ لَنَا: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ يُصَلِّي بِكُمْ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّي بِكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» “.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ إِلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

1120 – (وَعَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْعُقَيْلِيِّ) : بِالتَّصْغِيرِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَنْسُوبٌ لِعُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ مِيرَكُ: سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا يُعْرَفُ وَلَا يُسَمَّى.
كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ.
اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ فِي التَّابِعِينَ.
(قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ) أَيِ: اللَّيْثِيُّ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَامَ عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَسَكَنَ الْبَصْرَةَ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ.
(يَأْتِينَا) أَيْ: لِزِيَارَتِنَا (إِلَى مُصَلَّانَا) أَيْ: مَسْجِدِنَا (يَتَحَدَّثُ) أَيْ: مَالِكٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: نَتَحَدَّثُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، أَيْ: مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ، (فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ يَوْمًا) أَيْ: وَقْتُهَا (قَالَ أَبُو عَطِيَّةَ: قُلْنَا لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّهْ) : بِهَاءِ السَّكْتِ (قَالَ لَنَا: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ يُصَلِّي بِكُمْ) أَيْ: إِمَامًا (وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّي بِكُمْ؟) أَيْ: وَلَوْ أَنِّي أَفْضَلُ مِنْ رِجَالِكُمْ لِكَوْنِهِ صَحَابِيًّا وَعَالِمًا.
(سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمُّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» ) : فَإِنَّهُ أَحَقُّ مِنَ الضَّيْفِ، وَكَأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنَ الْإِمَامَةِ مَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ إِنْ حَدَّثَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَالسِّينُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَإِلَّا فَلِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحَسَّنَهُ (وَالنَّسَائِيُّ إِلَّا أَنَّهُ) أَيِ: النَّسَائِيَّ (اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ النَّبِيِّ) أَيْ قَوْلِهِ: (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَهُوَ: مِنْ زَارَ إِلَخْ.
وَلَمْ يَذْكُرْ صَدْرَ الْحَدِيثِ.

healthy primal banner advert

✩✩✩✩✩✩✩

1121 – «وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ أَعْمَى» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

1121 – (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: أَقَامَ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ (ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ) : اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ (يَؤُمُّ النَّاسَ) : بَيَانُ الِاسْتِخْلَافِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيِ اسْتِخْلَافًا عَامًّا عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ عَلَى مَا رُوِيَ، وَخَاصًّا بِكَوْنِهِ يَؤُمُّ النَّاسَ، (وَهُوَ أَعْمَى) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: كَرَاهَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى إِنَّمَا هِيَ إِذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ سَلِيمٌ أَعْلَمُ مِنْهُ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ عِلْمًا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ جَوَازُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى، وَلَا نِزَاعَ فِيهِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْبَصِيرِ أَوْ عَكْسُهُ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ مَعَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهَا لِئَلَّا يَشْغَلَهُ شَاغِلٌ عَنِ الْقِيَامِ بِحِفْظِ مَنْ يَسْتَحْفِظُهُ مِنَ الْأَهْلِ حَذَرًا أَنْ يَنَالَهُمْ عَدُوٌّ بِمَكْرُوهٍ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّهُ لَوِ اسْتَخْلَفَهُ فِي ذَلِكَ، أَيْضًا لَوَجَدَ الطَّاعِنُ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ سَبِيلًا وَإِنْ ضَعُفَ.
قُلْتُ: وَنَظِيرُهُ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أُمِّيًا غَيْرَ كَاتِبٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48] وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ وَكَتَبَ مَا كَانَ يَرْتَابُ فِيهِ الْمُحِقُّونَ، قَالَ الْأَشْرَفُ: وَرُوِيَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ مَرَّتَيْنِ، أَيِ اسْتِخْلَافًا عَامًّا، وَقِيلَ: اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ فِي الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً اهـ.
وَلَعَلَّ هَذَا كُلَّهُ خَبَرٌ لِمَا وَقَعَ لَهُ فِي سُورَةِ: عَبَسَ وَتَوَلَّى.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ.

Success rituals

✩✩✩✩✩✩✩

1122 – وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» “.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

1122 – (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” ثَلَاثَةٌ) أَيْ أَشْخَاصٌ (لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ) : جَمْعُ الْأُذُنِ الْجَارِحَةِ، أَيْ: لَا تُقْبَلُ قَبُولًا كَامِلًا أَوْ لَا تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ رَفْعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: بَلْ أَدْنَى شَيْءٍ مِنَ الرَّفْعِ، وَخَصَّ الْآذَانَ بِالذِّكْرِ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ التِّلَاوَةِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا تَصِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَبُولًا وَإِجَابَةً، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَارِقَةِ: ” «يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهِمْ» ” عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِعَدَمِ مُجَاوَزَةِ الْآذَانِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ لَا يُرْفَعُ عَنْ آذَانِهِمْ فَيُظِلُّهُمْ كَمَا يُظِلُّ الْعَمَلُ الصَّالِحُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قِيلَ: هَؤُلَاءِ اسْتُوْصُوا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ حَقِّ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ وَالصَّلَاةِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُومُوا بِمَا اسْتُوْصُوا لَمْ تَتَجَاوَزْ طَاعَتُهُمْ عَنْ مَسَامِعِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْقَارِئَ الْكَامِلَ هُوَ أَنْ يَتَدَبَّرَ الْقُرْآنَ بِقَلْبِهِ وَيَتَلَقَّاهُ بِالْعَمَلِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ لَمْ يَتَجَاوَزْ مِنْ صَدْرِهِ إِلَى تُرْقُوَتِهِ.
(الْعَبْدُ الْآبِقُ) أَيْ: أَوَّلُهُمْ أَوْ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدُهُمْ (حَتَّى يَرْجِعَ) أَيْ: إِلَى أَمْرِ سَيِّدِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجَارِيَةُ الْآبِقَةُ، (وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ) : وَفِي اخْتِيَارِهِ عَلَى ظَلَّتْ نُكْتَةٌ لَا تَخْفَى (وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ) : هَذَا إِذَا كَانَ السُّخْطُ لِسُوءِ خُلُقِهَا أَوْ سُوءِ أَدَبِهَا أَوْ قِلَّةِ طَاعَتِهَا، أَمَّا إِنْ كَانَ سُخْطُ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا إِذَا كَانَ السُّخْطُ لِسُوءِ خُلُقِهَا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ.
(وَإِمَامُ قَوْمٍ) أَيِ: الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى، أَوْ إِمَامَةُ الصَّلَاةِ (وَهُمْ لَهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: لَهَا، أَيِ الْإِمَامَةِ (كَارِهُونَ) أَيْ: لِمَعْنًى مَذْمُومٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ كَرِهُوا لِخِلَافِ ذَلِكَ، فَالْعَيْبُ عَلَيْهِمْ وَلَا كَرَاهَةَ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ كَارِهُونَ لِبِدْعَتِهِ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ جَهْلِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَرَاهَةٌ وَعَدَاوَةٌ بِسَبَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَلَا يَكُونُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ.
فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قِيلَ: الْمُرَادُ إِمَامٌ ظَالِمٌ، وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ السُّنَّةَ فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِمَامُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَيَتَغَلَّبُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهَا فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَرِهَهُ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ حَتَّى يَكْرَهَهُ أَكْثَرُ الْجَمَاعَةِ.
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، قَالَ مِيرَكُ، أَيْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، قُلْتُ: أَيْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ.

pregnancy nutrition

✩✩✩✩✩✩✩

1123 – وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ صَلَاتُهُمْ: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ دِبَارًا وَالدِّبَارُ: أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَةً» ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

1123 – (وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ صَلَاتُهُمْ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَرَادَ نَفْيَ كَمَالِ الصَّلَاةِ.
قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقَبُولِ نُقْصَانُ أَصْلِ الصَّلَاةِ ; إِذِ الْمُرَادُ بِنَفْيِ الْقَبُولِ نَفْيُ الثَّوَابِ، وَلَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ.
(مَنْ تَقَدَّمَ) أَيْ لِلْإِمَامَةِ الصُّغْرَى أَوِ الْكُبْرَى (قَوْمًا) : وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ قَامَ فَوُصِفَ بِهِ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الرِّجَالِ (وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) أَيْ لِمَذْمُومٍ شَرْعِيٍّ، أَمَّا إِذَا كَرِهَهُ الْبَعْضُ فَالْعِبْرَةُ بِالْعَالِمِ وَلَوِ انْفَرَدَ، وَقِيلَ: الْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِذَا وُجِدُوا، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِكَثْرَةِ الْجَاهِلِينَ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 37] .
(وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ) أَيْ حَضَرَهَا (دِبَارًا) : بِكَسْرِ الدَّالِ وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: إِتْيَانُ دِبَارٍ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى آخَرِ الشَّيْءِ، وَقِيلَ: جَمْعُ دُبُرٍ وَهُوَ آخِرُ أَوْقَاتِ الشَّيْءِ (وَالدِّبَارُ: أَنْ يَأْتِيَهَا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ) أَيِ: الصَّلَاةُ جَمَاعَةً أَوْ أَدَاءً قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا إِذَا اتَّخَذَهُ عَادَةً، قَالَ الطِّيبِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، الدِّبَارُ: جَمْعُ الدُّبُرِ، وَالدُّبُرُ آخَرُ أَوْقَاتِ الشَّيْءِ، أَيْ: يَأْتِي الصَّلَاةَ بَعْدَمَا يَفُوتُ الْوَقْتُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِأَنْ لَا يُدْرِكَهَا كَامِلَةً فِيهِ، وَفِي الْفَائِقِ: قُبَالُ الشَّيْءِ وَدِبَارُهُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنَ الرَّاوِي.
(وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَةً) أَيِ: اتَّخَذَ نَفْسًا مُعْتَقَةً عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَأْنِيثُ مُحَرَّرَةٍ بِالْحَمْلِ عَلَى النَّسَمَةِ لِتَنَاوُلِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: يُقَالُ أَعْبَدْتُهُ وَاعْتَبَدْتُهُ إِذَا اتَّخَذْتُهُ عَبْدًا وَهُوَ حُرٌّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْخُذَ حُرًّا فَيَدَّعِيَهُ عَبْدًا وَيَتَمَلَّكَهُ، أَوْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ ثُمَّ يَسْتَخْدِمَهُ كَرْهًا.
أَوْ يَكْتُمَ عِتْقَهُ اسْتِدَامَةً لِخِدْمَتِهِ وَمَنَافِعِهِ، قَالَ فِي الْمَفَاتِيحِ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: مُحَرَّرِهِ بِالضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ مُحَرَّرَةً، يَعْنِي: نَفْسًا أَوْ نَسَمَةً، وَقِيلَ: خَصَّ الْمُحَرَّرَةَ لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا، بِخِلَافِ الْمُحَرَّرِ لِقُوَّتِهِ بِدَفْعِهِ.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .

pregnancy nutrition

✩✩✩✩✩✩✩

1124 – وَعَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَدَافَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لَا يَجِدُونَ إِمَامًا يُصَلِّي بِهِمْ» “.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

1124 – (وَعَنْ سَلَامَةَ) : قَالَ مِيرَكُ: صَحَابِيَّةٌ.
(بِنْتِ الْحُرِّ) : ضِدُّ الْعَبْدِ، حَدِيثُهَا عِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.
(قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) أَيْ: عَلَامَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ، وَأَحَدُهَا شَرَطٌ بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يُنْكِرُهُ النَّاسُ مِنْ صِغَارِ أُمُورِ السَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ.
(أَنْ يَتَدَافَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ) أَيْ: يَدْرَأُ كُلٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْإِمَامَةَ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَقُولُ: لَسْتُ أَهْلًا لَهَا لَمَّا تَرَكَ تَعَلُّمَ مَا تَصِحُّ بِهِ الْإِمَامَةُ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ.
أَوْ يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوِ الْمِحْرَابِ لِيَؤُمَّ الْجَمَاعَةَ، فَيَأْبَى عَنْهَا لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ.
(لَا يَجِدُونَ إِمَامًا) أَيْ: قَابِلًا لِلْإِمَامَةِ (يُصَلِّي بِهِمْ) أَيْ: لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِذَا أَجَازَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ، وَنَحْوِهَا مِنْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْعِبَادَةِ.
(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) : قَالَ مِيرَكُ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى ضَعْفِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْإِحْيَاءِ: يُكْرَهُ تَدَافُعُ الْإِمَامَةِ لِمَا قِيلَ: إِنَّ قَوْمًا تَدَافَعُوهَا فَخُسِفَ بِهِمْ، وَلَوِ اسْتَدَلَّ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لَكَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّ مَا حَكَاهُ بِصِيغَةِ قِيلَ.
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثًا بِلَفْظِ: «تَنَازَعَ ثَلَاثَةٌ فِي الْإِمَامَةِ فَخُسِفَ بِهِمْ» ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ مَا إِذَا تَدَافَعُوهَا لَا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ، وَإِلَّا كَأَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا غَيْرُ الْأَفْقَهِ مَثَلًا رَجَاءَ تَقَدُّمِ الْأَفْقَهِ، فَلَا يُكْرَهُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْإِحْيَاءِ، أَيْضًا: إِنَّ التَّقَدُّمَ عَلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ، أَوْ أَقْرَأُ مِنْهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إِذَا عُلِمَ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ، أَمَّا مَا دَامَ يَرْجُو تَقَدُّمَهُ فَالِامْتِنَاعُ أَوْلَى.

Transform Your Home Into a Cash Machine

✩✩✩✩✩✩✩

1125 – وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ، وَالصَّلَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ، وَالصَّلَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» “.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

1125 – (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْجِهَادٌ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ: فَرْضُ عَيْنٍ فِي حَالٍ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أُخْرَى (مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ) أَيْ سُلْطَانٍ، أَوْ وَلِيِّ أَمْرِهِ (بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ) : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ جَوَازُ كَوْنِ الْأَمِيرِ فَاسِقًا جَائِرًا، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَالْجَوْرِ، وَأَنَّهُ تَجِبُ طَاعَتُهُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةِ، وَخُرُوجُ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ عَلَى الْجَوَرَةِ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ عَلَى حُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَلَى الْجَائِرِ اهـ.
وَيُشْكِلُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ وَدَعْوَتِهِ الْخِلَافَةَ مَعَ وُجُودِ السَّلَاطِينِ فِي زَمَانِهِ.
(وَالصَّلَاةُ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ (وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ لَا اعْتِقَادِيٌّ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ، وَهِي آحَادٌ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا الْأَعْيَانِ اهـ.
وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ عَنْ شِعَارِ الْإِسْلَامِ وَطَرِيقِ السَّلَفِ الْعِظَامِ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى شَخْصٌ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ فِي مِصْرٍ لَسَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ.
(خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ) : إِذَا كَانَ إِمَامًا (بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: جَازَ اقْتِدَاؤُكُمْ خَلْفَهُ لِوُرُودِ الْوُجُوبِ بِمَعْنَى الْجَوَازِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي جَانِبِ الْإِتْيَانِ بِهِمَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ، وَكَذَا الْمُبْتَدِعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا يَقُولُ كُفْرًا، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي عَدَمِ إِجَازَتِهِ إِمَامَةَ الْفَاسِقِ، قُلْتُ: فِي أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاجِرِ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَنَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ فَتَأَمَّلْ، وَيُؤَيِّدُهُ الْقَرِينَتَانِ السَّابِقَةُ وَاللَّاحِقَةُ.
(وَالصَّلَاةُ) أَيْ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ (وَاجِبَةٌ) أَيْ: فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْكُمْ أَنْ تُصَلُّوا (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) أَيْ: مَيِّتٍ ظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ (بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَى الْكَبَائِرَ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهَا لَا تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ يَعْنِي خِلَافًا لِلْمُبْتَدِعَةِ فِيهِمَا.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ، أَيْ: مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: مَكْحُولٌ لَمْ يَلْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ.
قُلْتُ: فَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَنْ دُونَهُ ثِقَاتٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مِنْ مُسَمَّى الْإِرْسَالِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مَقْبُولٌ عِنْدَنَا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالْعُقَيْلِيِّ، وَكُلُّهَا مُضَعَّفَةٌ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَبِذَلِكَ يَرْتَقِي إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُوَافِقُهُ خَبَرُ الدَّارَقُطْنِيِّ: ” «اقْتَدُوا بِكُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» “، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا، لَكِنَّهُ اعْتَضَدَ بِفِعْلِ السَّلَفِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ وَرَاءَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ، وَكَذَا كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي خَلْفَهُ أَيْضًا، وَاحْتِمَالُ الْخَوْفِ يَمْنَعُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَخَافُهُ ; لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ مُمْتَثِلًا لِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ ابْنُ عُمَرَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ يَجْعَلُ أَمْرَ الْحَجِّ لَهُ وَيَأْمُرُ الْحَجَّاجَ بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ.

PlantingTheSeeds-banner

✩✩✩✩✩✩✩

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1126 – «عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا بِمَاءِ مَمَرِّ النَّاسِ، يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ نَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا.
فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ، فَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمُ الْفَتْحَ.
فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ ; فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا، فَقَالَ: ” صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا “.
فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لَمَّا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي.
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ ! فَاشْتَرَوْا، فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا.
فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1126 – (عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ) : بِكَسْرِ اللَّامِ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ، وَفِي الْأَنْسَابِ لَهُ صُحْبَةٌ، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَاهُ وَفَدَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفِدْ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفَدَ، أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ، قَالُوا: وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: رَآهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ، وَقَالَ مِيرَكُ: أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُ مُسْلِمٌ شَيْئًا.
كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قُدُومِ أَبِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلَا صِحَّةُ قُدُومِهِ، أَيْضًا لَمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَهُ.
كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ (قَالَ: كُنَّا بِمَاءِ) أَيْ: سَاكِنِينَ بِمَحَلِّ مَاءٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ: بِمَاءٍ خَبَرُ كَانَ، وَقَوْلُهُ: (مَمَرِّ النَّاسِ) أَيْ: عَلَيْهِ صِفَةٌ لِمَاءٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ، أَيْ: نَازِلِينَ بِمَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ فِيهِ يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: يَجُوزُ فِي مَمَرِّ الْحَرَكَاتِ اهـ.
وَوَجْهُهَا ظَاهِرٌ، وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَوْلُهُ: (يَمُرُّ بِنَا) : اسْتِئْنَافٌ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْخَبَرِ (الرُّكْبَانُ) : بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ الرَّاكِبِ لِلْبَعِيرِ خَاصَّةً عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، (نَسْأَلُهُمْ) أَيْ: نَقُولُ لَهُمْ (مَا لِلنَّاسِ) أَيْ: بِالنَّاسِ، وَقِيلَ، أَيْ مَاءٌ طَرَأَ لِلنَّاسِ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْقَلَقُ وَالْفَزَعُ (مَا لِلنَّاسِ؟) : قَالَ الطِّيبِيُّ: سُؤَالُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ أَمْرٍ غَرِيبٍ، وَلِذَا كَرَّرُوهُ وَقَالُوا: (مَا هَذَا الرَّجُلُ؟) : يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِمْ مِنْهُ نَبَأً عَجِيبًا، فَيَكُونُ سُؤَالُهُمْ عَنْ وَصْفِهِ بِالنُّبُوَّةِ وَلِذَلِكَ وَصَفُوهُ بِالنُّبُوَّةِ، كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، أَيْ: هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي نَسْمَعُ عَنْهُ نَبَأً عَجِيبًا، أَيْ: مَا وَصْفُهُ.
(فَيَقُولُونَ) أَيِ: الرُّكْبَانُ فِي جَوَابِ أَهْلِ الْمَاءِ (يَزْعُمُ) أَيِ: الرَّجُلُ يَعْنِي: يَظُنُّ.
وَكَانَ مَنْ عَبَّرَ بِهَا إِذْ ذَاكَ شَاكًّا فِي صِدْقِهِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى قَالَ مُجَرَّدَةً عَنْ إِشْعَارٍ بِكَذِبٍ، فَالْمَعْنَى يَقُولُ وَيَدَّعِي.
(أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ) : إِلَى النَّاسِ كَافَّةً (أَوْحَى) أَيِ: اللَّهُ (إِلَيْهِ) : بِتَبْلِيغِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ (أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا) أَيْ آيَةَ كَذَا أَوْ سُورَةَ كَذَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ.
(فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ) أَيْ: مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِهِمْ، وَهَذَا مِنْ بَابِ: رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ ذَلِكَ الْكَلَامُ الَّذِي يَنْقُلُونَهُ عَنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَغَيْرِهِ، (فَكَأَنَّمَا يُغْرَى) : بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مُضَارِعٌ مَجْهُولٌ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ، وَقِيلَ: مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ يُلْصَقُ مِثْلَ الْغِرَاءِ، وَهُوَ الصَّمْغُ (فِي صَدْرِي) : وَلِذَا قِيلَ: الْحِفْظُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ، وَفِي نُسْخَةٍ: يُقْرَأُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مُخَفَّفًا، وَفِي نُسْخَةٍ: يُقَرِّي بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْرِيَةِ، أَيْ يَجْمَعُ، قَالَ مِيرَكُ: وَهَاتَانِ رِوَايَتَا الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ وَرِوَايَةُ الْأَكْثَرِ فِيهِ يُقْرَأُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَجْهُولًا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي أَصْلِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ الْحَاضِرَةِ فَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، كَذَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي نُسْخَةٍ: يُقَرُّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْقَافَ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنَ الْقَرَارِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ مَقْصُورَةٍ مِنَ التَّقْرِيَةِ، أَيْ: يُجْمَعُ وَلِلْأَكْثَرِ بِهَمْزَةٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ يُغَرَّى بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ ثَقِيلَةٍ، أَيْ: يُلْصَقُ بِالْغِرَاءِ، وَرَجَّحَهَا عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ مِيرَكُ، وَوُجِدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ عَفِيفِ الدِّينِ يَغَرَّى بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنَ الطِّيبِيِّ، أَيْضًا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ يَلْصَقُ بِهِ، يُقَالُ: غُرِّيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي صَدْرِي بِالْكَسْرِ يُغَرَّى بِالْفَتْحِ كَأَنَّهُ أُلْصِقَ بِالْغِرَاءِ، وَالْغِرَاءُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، أَيْ مَا يُلْصَقُ بِهِ الْأَشْيَاءُ يُتَّخَذُ مِنْ أَطْرَافِ الْجُلُودِ وَالسَّمَكِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَفِي الصِّحَاحِ: الْغِرَاءُ إِذَا فُتِحَتِ الْغَيْنُ قَصَرْتَ، وَإِذَا كُسِرَتْ مَدَدْتَ.
قُلْتُ: لَيْسَ فِي الطِّيبِيِّ إِلَّا بَيَانُ أَصْلِ اللُّغَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدٌ أَوْ مَزِيدٌ مَعْلُومٌ أَوْ مَجْهُولٌ مِنَ التَّفْحِيلِ أَوِ الْأَفْعَالِ إِرَادَةً لِلْمُبَالَغَةِ، وَمَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ خُصُوصًا فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي حَاشِيَةِ كِتَابِ الشَّيْخِ عَفِيفٍ: يَقْرِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، أَيِ: التَّحْتَانِيَّةِ وَبِالْقَافِ وَالرَّاءِ، أَيْ بَعْدَهُ أَلِفٌ مُبْدَلَةٌ، وَهُوَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، أَيْ مَعْلُومِيَّتُهُ ; لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الصِّحَاحِ: قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ، أَيْ: جَمَعْتُهُ، وَالْبَعِيرُ يَقْرِي الْعَلَفَ فِي شِدْقِهِ، أَيْ: يَجْمَعُهُ، فَالظَّاهِرُ ضَمُّ أَوَّلِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ.
(وَكَانَتِ الْعَرَبُ) أَيْ: مَا عَدَا قَوْمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمُرَادُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ (تَلَوَّمُ) : بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ بِمَعْنَى تَنْتَظِرُ (بِإِسْلَامِهِمُ الْفَتْحَ) أَيْ: فَتْحَ مَكَّةَ يَعْنِي النُّصْرَةَ وَالظَّفَرَ عَلَى قَوْمِهِ ; لِأَنَّهُ إِذَا قَهَرَهُمْ وَهُمْ أَشَدُّ الْعَرَبِ شَكِيمَةً وَأَكْثَرُهُمْ عُدَّةً وَأَقْوَاهُمْ شَجَاعَةً فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى.
(فَيَقُولُونَ) : تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَلَوَّمُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ، وَجَمَعَ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ) : الْوَاوُ لِلْمَعِيَّةِ (فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ) أَيْ: غَلَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى قَوْمِهِ (فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ) : إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ غَلَبَتُهُ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ إِلَّا بِمَحْضِ الْمُعْجِزَةِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ لِضَعْفِهِ وَقُوَّتِهِمْ، (فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ) أَيْ: فَتْحِ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ (بَادَرَ) أَيْ: سَارَعَ وَسَابَقَ (كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي) أَيْ: غَلَبَهُمْ وَسَبَقَهُمْ (بِإِسْلَامِهِمْ) قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ بَدَرَ مِنْ بَابِ الْمُغَالَبَةِ، أَيْ: بَادَرَ أَبِي الْقَوْمَ فَبَدَرَهُمْ، أَيْ: غَلَبَهُمْ فِي الْبِدَارِ بِالْكَسْرِ، أَيْ بِالْمُبَادَرَةِ (فَلَمَّا قَدِمَ) أَيْ: أَبِي مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وَفْدِهِ مَعَ أَبِيهِ (قَالَ) أَيْ: لَهُمْ (جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إِلَى الْمَوْصُولِ أَعْنِي: الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي النَّبِيِّ عَلَى تَأْوِيلِ الَّذِي نُبِّئَ حَقًّا اهـ.
أَوْ حَالَ كَوْنِهِ مُحِقًّا، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، أَوْ حُقَّ هَذَا الْقَوْلُ حَقًّا (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا مِنْ جُمْلَتِهِ (صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ) أَيْ: وَقْتُهَا (فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ) أَيْ: وَخِيَارُكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ فَلَا يُنَافِي الْخَبَرَ الْآخَرَ: ” «فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ» ” لِأَنَّ هَذَا لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ وَذَلِكَ لِبَيَانِ الْأَجْزَاءِ (فَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا) .
(فَنَظَرُوا) أَيْ: تَأَمَّلُوا فِي تَعْيِينِ إِمَامٍ (فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ) : بِنَصْبِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِهِ، أَيْ: فَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ أَكْثَرَ (قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى) أَيْ: أَتَلَقَّنُ وَآخُذُ وَأَتَعَلَّمُ (مَنِ الرُّكْبَانِ) : كَمَا تَقَدَّمَ (فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أَيْ: لِلْإِمَامَةِ (وَأَنَا ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ) : الْجُمْلَةُ حَالِيَةٌ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ أَقَلَّ سَنِّ التَّحَمُّلِ خَمْسُ سِنِينَ، وَهُوَ سِنُّ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الَّذِي تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ بَابَ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ «عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّهُ قَالَ: عَقَلْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي، وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ كُلُّ صَغِيرٍ بِحَالِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ خَمْسِ سِنِينَ، وَنُقِلَ أَنَّ ابْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ حُمِلَ إِلَى الْمَأْمُونِ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا جَاعَ يَبْكِي، لَكِنْ قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ نَظَرٌ، نَظَرٌ، نَعَمْ صَحَّ لِي أَنَّ الْمُحِبَّ ابْنَ الْهَاشِمِ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَالْعُمْدَةَ وَجُمْلَةً مِنَ الْكَافِيَةِ وَالشَّافِيَةِ، وَقَدِ اسْتَكْمَلَ خَمْسًا، وَكَانَ يُسْأَلُ عَمَّا قَبْلَ الْآيَةِ فَيُجِيبُ بِدُونِ تَوَقُّفٍ.
(وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ) أَيْ: يَمَانِيَةٌ (كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ) أَيْ: اجْتَمَعَتْ وَانْضَمَّتْ وَارْتَفَعَتْ إِلَى أَعَالِي الْبَدَنِ (عَنِّي) : لِقِصَرِهَا وَضِيقِهَا حَتَّى يَظْهَرَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِي (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ) أَيِ: الْقَبِيلَةِ (أَلَا تُغَطُّونَ) : بِتَخْفِيفِ اللَّامِ فَالْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَشْدِيدِهَا عَلَى التَّحْضِيضِ (عَنَّا) أَيْ: عَنْ قِبَلِنَا أَوْ عَنْ جِهَتِنَا (اسْتَ قَارِئِكُمْ) : بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، أَيْ دُبُرَهُ، أَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ نَظَرُ الْعَوْرَةِ مِنْ أَسْفَلِ الْبَدَنِ لَا يَضُرُّ ; لِأَنَّ سَتْرَ ذَلِكَ هُوَ اللَّائِقُ بِتَقَدُّمِهِ وَإِمَامَتِهِ (فَاشْتَرَوْا) أَيْ: ثَوْبًا (فَقَطَعُوا) : بِالتَّشْدِيدِ وَيُخَفَّفُ، أَيْ: فَصَّلُوا (لِي قَمِيصًا) : سَبَلًا (فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي) أَيْ: مِثْلَ فَرَحِي (بِذَلِكَ الْقَمِيصِ) : إِمَّا لِأَجْلِ حُصُولِ التَّسَتُّرِ وَعَدَمِ تَكَلُّفِ الضَّبْطِ وَخَوْفِ الْكَشْفِ، وَإِمَّا فَرِحَ بِهِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الصِّغَارِ بِالثَّوْبِ الْجَدِيدِ.
(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَعَنْهُ فِي الْجُمُعَةِ قَوْلَانِ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ.
وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي النَّفْلِ فَجَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ وَبِمِصْرَ وَالشَّامِ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، انْتَهَى.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ: اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالصَّبِيِّ جَائِزٌ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ: فَقَدَّمُونِي إِلَخْ.
وَعِنْدَنَا لَا يَجُوزُ ; لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَلِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْمُفْتَرِضُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا إِمَامَةُ عَمْرٍو فَلَيْسَ بِمَسْمُوعٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا قَدَّمُوهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ لِمَا كَانَ يَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ عَلَى الْجَوَازِ، وَقَدْ قَالَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ إِلَخْ.
وَالْعَجَبُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ حُجَّةً، وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِ صَبِيٍّ مِثْلُ هَذَا حَالُهُ.

Develop Your Financial IQ specific

✩✩✩✩✩✩✩

1127 – وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ الْمَدِينَةَ، كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

1127 – (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ) أَيِ: السَّابِقُونَ (الْمَدِينَةَ) : وَفِي رِوَايَةٍ: الْعُصْبَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَبِسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ عَفِيفٌ، مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ) : هُوَ زَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سَالِمًا مَعَ كَوْنِهِ مَفْضُولًا كَانَ أَقْرَأَ، أَوْ هُوَ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، كَانَ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ، وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الْمَوَالِي، وَمِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الْقُرَّاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ مِنْهُ كَثِيرًا، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهُوَ أَحَدُهُمْ “، انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ: ” «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ» ” كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ، وَفِي إِمَامَةِ سَالِمٍ مَعَ وُجُودِ عُمَرَ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُقَدِّمُ الْأَقْرَأَ عَلَى الْفَقِهِ.
(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

islamship banner

✩✩✩✩✩✩✩

1128 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «ثَلَاثَةٌ لَا تُرْفَعُ لَهُمْ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ» “.
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

1128 – (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ثَلَاثَةٌ لَا تُرْفَعُ لَهُمْ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا) أَيْ: قَدْرَ شِبْرٍ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ (رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ) أَيْ: لِإِمَامَتِهِ (كَارِهُونَ) : لِعَدَمِ قِيَامِهِ بِحَقِّ الْإِمَامَةِ (وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ) : وَمَا أَرْضَتْهُ لِعَدَمِ قِيَامِهَا بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ (وَأَخَوَانِ) : بِفَتْحَتَيْنِ (مُتَصَارِمَانِ) أَيْ: مُتَقَاطِعَانِ لِعَدَمِ قِيَامِهِمَا بِحَقِّ الْأُخُوَّةِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا ظَهَرَ وَجْهُ الْمُلَاءَمَةِ بَيْنَ الْفِقَرِ الثَّلَاثَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْأُخُوَّةُ إِمَّا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ لِمَا وَرَدَ: ” «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُصَارِمَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثٍ» “، أَيْ: يَهْجُرَهُ وَيَقْطَعَ مُكَالَمَتَهُ، انْتَهَى.
يَعْنِي: عَلَى خِلَافِ دَأْبِهِ وَعَادَتِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ.
(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) : قَالَ مِيرَكُ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

✩✩✩✩✩✩✩

 

Visits: 1

Leave a Comment

 
Scroll to Top