Success Habits
Success rituals

باب العتيرة

PlantingTheSeeds-banner

باب العتيرة
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1477 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، «عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ.
قَالَ: وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ: فِي رَجَبٍ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[49] بَابُ الْعَتِيرَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ تُطْلَقُ عَلَى شَاةٍ، كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ، وَعَلَى الذَّبِيحَةِ الَّتِي كَانُوا يَذْبَحُونَهَا لِأَصْنَامِهِمْ، ثُمَّ يَصُبُّونَ دَمَهَا عَلَى رَأْسِهَا.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
**********
1477 – (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: لَا فَرَعَ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ بِفَتْحَتَيْنِ، أَوَّلُ وَلَدٍ تُنْتِجُهُ النَّاقَةُ، قِيلَ: كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا تَمَّتْ إِبِلُهُ مِائَةً قَدَّمَ بَكْرَةً فَنَحَرَهَا وَهُوَ الْفَرَعُ.
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهُ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ.
أَيْ: لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ نُسِخَ وَنُهِيَ عَنْهُ أَيْ: لِلتَّشَبُّهِ.
(وَلَا عَتِيرَةَ) : وَهِيَ شَاةٌ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ، يَتَقَرَّبُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَيَلِيقُ بِحُكْمِ الدِّينِ.
وَأَمَّا الْعَتِيرَةُ الَّتِي يَعْتِرُهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَهِيَ الذَّبِيحَةُ الَّتِي كَانَتْ تُذْبَحْ لِلْأَصْنَامِ، وَيُصَبُّ دَمُهَا عَلَى رَأْسِهَا.
فِي النِّهَايَةِ: كَانَتِ الْعَتِيرَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ.
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَذْبَحُ الْعَتِيرَةَ فِي رَجَبٍ اهـ.
وَلَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّسْخُ.
(قَالَ) أَيْ: أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ فِي الْأَزْهَارِ.
قِيلَ: هَذَا التَّفْسِيرُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَبِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْأَعْلَامِ، وَقِيلَ: مِنِ ابْنِ رَافِعٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَالْأَرْجَحُ، وَبِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، ذَكَرَهُ مِيْرَكُ.
(وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ نِتَاجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ.
(كَانَ يُنْتَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تُنْتِجُهُ النَّاقَةُ.
(لَهُمْ) أَيْ: لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.
(كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ) : بِسُكُونِ الْيَاءِ جَمْعُ طَاغُوتٍ، أَيْ: لِأَصْنَامِهِمْ، كَالْأُضْحِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْإِسْلَامِ.
(وَالْعَتِيرَةُ) : بِالرَّفْعِ.
(فِي رَجَبٍ شَاةٌ) أَيْ: كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ زَمَنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْعَتِيرَةُ اسْمُ شَاةٍ أَوْ ذَبِيحَةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ وَالْجَاهِلِيَّةِ لِأَصْنَامِهِمْ، وَقِيلَ: كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا تَمَّتْ إِبِلُهُ مِائَةً يَنْذِرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَائِلًا: إِنْ كَانَ كَذَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ فِي رَجَبٍ كَذَا، وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ عَتِيرَةً، وَكِلَاهُمَا مُنِعَا فِي الْإِسْلَامِ، وَمَحَلُّ النَّهْيِ عَلَى التَّقَرُّبِ بِهِ لَا لِوَجْهِهِ تَعَالَى، كَذَبْحِ الْعَرَبِ إِيَّاهُ لِآلِهَتِهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ «حَدِيثُ نُبَيْشَةَ أَنَّهُ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَقَالَ: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ: شَهْرٍ كَانَ، وَبِرُّوا لِلَّهِ، وَأَطْعِمُوا» اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ وَقَعَ النَّهْيُ الْعَامُّ لِلتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْأَصْنَامِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ جَوَازِهِ بِابْنِ سِيرِينَ مِنْ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَعْلَامِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمَنْعُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَاجِعٌ إِلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الذَّبْحِ لِآلِهَتِهِمْ، أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْوُجُوبِ، أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، أَوْ فِي ثَوَابِ إِرَاقَةِ الدَّمِ، وَأَمَّا تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَصَدَقَةٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا، وَلَكِنْ وَرَدَ النَّهْيُ لِلتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْأَصْنَامِ.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيْرَكُ: وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.

✩✩✩✩✩✩✩

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1478 – «عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِعَرَفَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً، هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: أَبُو دَاوُدَ: وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ.

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1478 – (عَنْ مِخْنَفِ) : بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمِنْبَرٍ.
(بْنِ سُلَيْمٍ) : بِالتَّصْغِيرِ.
(قَالَ) : كُنَّا وُقُوفًا أَيْ: وَاقِفِينَ أَوْ ذَوِي وُقُوفٍ.
(مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِعَرَفَةَ) : يَعْنِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
(فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ) أَيْ: وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ.
(فِي كُلِّ عَامٍ) أَيْ: سَنَةٍ.
(أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً، هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ) ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ أَيِ: الذَّبِيحَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى رَجَبٍ لِوُقُوعِهَا فِيهِ.
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : زَادَ مِيْرَكُ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَوْنٍ.
(ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ) قَالَ مِيْرَكُ: فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ عِبَارَةَ التِّرْمِذِيِّ هَكَذَا: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ، وَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بِضَعْفِ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ التَّخْرِيجِ اهـ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: وَجْهُ ضَعْفِهِ: أَنَّ أَبَا رَمْلَةَ الرَّاوِي عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ مَجْهُولٌ، كَذَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ: «أَنَّهُ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – قَالَ – لِمَنْ قَالَ لَهُ: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ.
وَلِمَنْ قَالَ لَهُ: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَرَعٌ» الْحَدِيثَ.
وَصَحَّ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالْفَرَعَةِ مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ وَاحِدَةٌ، وَفِي خَبَرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ -: «أَنَّ الْفَرَعَ حَقٌّ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى يَكْبُرَ فَيُعْطِي أَرْمَلَةً، أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ ذَبْحِهِ» ، وَفِي آخَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ: «مَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَرَّعَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ» ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاقْتَضَتْهُ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُمَا لَا يُكْرَهَانِ، بَلْ يُسْتَحَبَّانِ.
هَذَا مَذْهَبُنَا.
وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ مَنْسُوخٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ.
(وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ: (الْعَتِيرَةُ) بِلَا وَاوٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: نَاسِخُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» نَقَلَهُ السَّيِّدُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ، فَالْمُرَادُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ، إِذْ قَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَتِيرَةِ، الْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، ذَكَرَهُ مِيْرَكُ.
وَفِيهِ بَحْثٌ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَتِيرَةِ نَفْيُ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ، إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ النَّسْخُ عَلَى الْوُجُوبِ، وَالْإِثْبَاتُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: تَمَسَّكَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُقِيمٍ أَيْ: فِي مِصْرٍ، وَهُوَ مَالِكُ النِّصَابِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَى كُلِّ مُسَافِرٍ أَيْضًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ لِقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْأَضْحَى عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَعَلَيْكُمْ سُنَّةٌ» وَلَنَا أَنْ نَقُولَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَضْحَى عَلَيْهِ فَرِيضَةٌ بِفَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ: وَلِقَوْلِهِ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ: الضُّحَى، وَالْأَضْحَى، وَالْوَتْرُ اهـ.
وَلَنَا أَنْ نَقُولَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْفَرِيضَةُ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ إِذْ مَرْتَبَةُ الْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِ عِنْدَنَا.

✩✩✩✩✩✩✩

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1479 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُمِرْتُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى عِيدًا جَعَلَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ.
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا مَنِيحَةً أُنْثَى، أَفَأُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ: لَا.
وَلَكِنْ خُذْ مِنْ شَعْرِكَ وَأَظْفَارِكَ، وَتَقُصُّ مِنْ شَارِبِكَ، وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، فَذَلِكَ تَمَامُ أُضْحِيَّتِكَ عِنْدَ اللَّهِ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

**********
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
**********
1479 – (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُمِرْتُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى) أَيْ: بِجَعْلِهِ.
(عِيدًا جَعَلَهُ اللَّهُ) أَيْ: يَوْمَ الْأَضْحَى.
(لِهَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ: عِيدًا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ عِيدًا مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَيْ: بِأَنْ أَجْعَلَهُ عِيدًا، وَقَوْلُهُ: جَعَلَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ حُكْمٌ، ذُكِرَ بَعْدَ مَا يُشْعِرُ بِالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَوْمَ الْأَضْحَى ; لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّضْحِيَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: حَكَمَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالتَّضْحِيَةِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَمِنْ ثَمَّ حَسُنَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: أَرَأَيْتَ.
إِلَخْ اهـ.
وَهُوَ تَكَلُّفٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّضْحِيَةِ الْمُوَافِقِ لِمَذْهَبِنَا، فَإِنَّ الشَّيْءَ يُذْكَرُ، فَلَمَّا ذَكَرَ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِجَعْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عِيدًا، وَكَانَ مِنْ أَحْكَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ حُكْمُ التَّضْحِيَةِ وَالْأَضَاحِيِّ.
(قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ) أَيْ: أَخْبِرْنِي.
(إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا مَنِيحَةً) فِي النِّهَايَةِ: الْمَنِيحَةُ: أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ نَاقَةً أَوْ شَاةً يَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا وَيُعِيدُهَا، وَكَذَا إِذَا أَعْطَى لِيَنْتَفِعَ بِصُوفِهَا وَوَبَرِهَا زَمَانًا ثُمَّ يَرُدُّهَا.
(أُنْثَى) : قِيلَ: وَصْفُ مَنِيحَةٍ بِأُنْثَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنِيحَةَ قَدْ تَكُونُ ذَكَرًا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَلَامةُ التَّأْنِيثِ، كَمَا يُقَالُ: حَمَامَةٌ أُنْثَى، وَحَمَامَةٌ ذَكَرٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} [النمل: 18] فَإِنَّ تَأْنِيثَ الْفِعْلِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ أُنْثَى عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَيُعَضِّدُهُ مَا رَوَى ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: مَنْ مَنَحَ مَنْحَةَ وَرِقٍ، أَوْ مَنَحَ لَبَنًا، كَانَ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ.
(أَفَأُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ: لَا) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمَنِيحَةِ هَهُنَا مَا يُمْنَحُ بِهَا، وَبِمَا مَنَعَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ سِوَاهَا يُنْتَفَعُ بِهِ.
(وَلَكِنْ خُذْ مِنْ شَعْرِكَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ أَيْ: أَشْعَارِكَ.
(وَأَظْفَارِكَ، وَقُصَّ مِنْ شَارِبِكَ) : خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ لِيَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، فَذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَفْعَالِ.
(تَمَامُ أُضْحِيَّتِكَ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ: أُضْحِيَّتُكَ تَامَّةٌ بِنِيَّتِكَ الْخَالِصَةِ، وَلَكَ بِذَلِكَ مِثْلُ ثَوَابِ الْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ إِلَّا عَلَى الْعَاجِزِ، وَلِذَا قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ: تَجِبُ حَتَّى عَلَى الْمُعْسِرِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: نَعَمْ ; فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ» .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ.
قُلْتُ: أَمَّا الْمُرْسَلُ فَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ ضَعِيفًا لَوْ صَحَّ فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُؤَيَّدًا مَعَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِطَرِيقٍ أَبْلَغَ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقِيلَ: سُنَّةُ كِفَايَةٍ.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .

✩✩✩✩✩✩✩

 

Visits: 0

ART OF ASKING A LADY OUT

Leave a Comment

 
Scroll to Top