Success Habits
PlantingTheSeeds-banner

باب في سجود الشكر

Success rituals

باب في سجود الشكر
وَهَذَا الْبَابُ خَالٍ عَنِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ
**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1494 – عَنْ أَبِي بَكْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ سُرُورٌ – أَوْ يُسَرُّ بِهِ – خَرَّ سَاجِدًا، شَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

[51] بَابٌ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ عِنْدَ حُدُوثِ مَا يُسَرُّ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَعِنْدَ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ جَسِيمَةٍ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ، هَذَا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَيْنَ الْبَابِ وَالْفَصْلِ.
(وَهَذَا الْبَابُ خَالٍ عَنِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) : اعْتِذَارًا عَنْ صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ وَ (الثَّالِثِ) : اعْتِذَارًا عَنْ نَفْسِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ: لَمْ يَذْكُرْ أَيْ: صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ مِنَ الصِّحَاحِ حَدِيثًا فِيهِ أَيْ: فِي هَذَا الْبَابِ، وَكُلُّ مَا أَوْرَدَهُ فِيهِ مِنَ الْحِسَانِ، وَقَدْ وَجَدْتُ مِنْهُ فِي الصِّحَاحِ، «عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَجَدَ لِلَّهِ شُكْرًا لَمَّا بَشَّرَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ» ، وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا.

**********
الْفَصْلُ الثَّانِي
**********
1494 – (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ» ) : بِالتَّنْوِينِ لِلتَّعْظِيمِ.
(سُرُورٌ: بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: لِأَجْلِ حُصُولِهِ أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنَ النِّسْبَةِ، أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي يَعْنِي أَمْرَ سُرُورٍ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَمْرٌ سُرُورٌ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَوِ الْمَفْعُولِ بِهِ، أَوْ عَلَى الْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ أَيِ: أَمْرٌ ذُو سُرُورٍ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَمْرُ سُرُورٍ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيِ: إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَالَ كَوْنِهِ سُرُورًا) اهـ.
وَهُوَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَوْ بِكَوْنِ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ، أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ كَرَجُلٍ عَدْلٍ.
(أَوْ يُسَرُّ بِهِ -) : شَكَّ الرَّاوِي فِي اللَّفْظِ وَالْمَبْنَى، وَإِلَّا فَالْمَآلُ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى.
(خَرَّ) أَيْ: سَقَطَ.
(سَاجِدًا شَاكِرًا) : حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ، أَوْ مُتَرَادِفَانِ، وَفِي نُسْخَةٍ: شُكْرًا بِالنَّصْبِ لِلْعِلَّةِ.
(لِلَّهِ تَعَالَى) .
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: ذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، فَرَأَوُا السُّجُودَ مَشْرُوعًا فِي بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ، وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا: الْمُرَادُ بِالسُّجُودِ الصَّلَاةُ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ «النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَمَّا أُتِيَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ خَرَّ سَاجِدًا» ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، رَأَيْتُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَلَّى بِالضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالْفَتْحِ، أَوْ لِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ، وَنَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: لَوْ أُلْزِمَ الْعَبْدُ السُّجُودَ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ عَظِيمَةِ الْمَوْقِعِ عِنْدَ صَاحِبِهَا لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنِ السُّجُودِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهَا أَدْنَى سَاعَةٍ، فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعْمَةٍ عِنْدَ الْعِبَادِ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، وَذَلِكَ يَتَجَدَّدُ عَلَيْهِ بِتَجَدُّدِ الْأَنْفَاسِ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَ سَجَدَ رَأَى نُغَاشِيًّا.
فَمُرْسَلٌ، وَهُمْ لَا يَرَوْنَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ سُرُورٌ يَحْصُلُ عِنْدَ هُجُومِ نِعْمَةٍ يَنْتَظِرُهَا، أَوْ يُفَاجِئُهَا مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ مِمَّا يَنْدُرُ وُقُوعُهَا لَا مَا اسْتَمَرَّ وُقُوعُهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَهُ فِي الْحَدِيثِ بِالْمَجِيءِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ، وَنُكِّرَ أَمْرٌ لِلتَّفْخِيمِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَكَذَا حَدِيثُ النُّغَاشِيِّ، وَالْمُرْسَلُ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ إِذَا تَقَوَّى بِحَدِيثٍ آخَرَ ضَعِيفٍ قَوِيَ، وَصَارَ حَسَنًا، وَالْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَنَقَلَ مِيْرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ، وَفِي إِسْنَادِهِ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضٌ، وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ اهـ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ عَنْ جَابِرٍ، وَجَرِيرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مَرْوِيٌّ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قُلْتُ: وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْبَرَاءِ، كُلِّهِمْ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تَمَّ كَلَامُهُ.

Success rituals

✩✩✩✩✩✩✩

1495 – وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ «النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رَأَى رَجُلًا مِنَ النُّغَاشِينَ، فَخَرَّ سَاجِدًا» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُرْسَلًا، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لَفْظُ الْمَصَابِيحِ.

1495 – (وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ) أَيْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِالْبَاقِرِ، وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ تَبَقَّرَ فِي الْعِلْمِ أَيْ: تَوَسَّعَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَيْ: مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، فَغَفْلَةٌ ; لِأَنَّ الصَّادِقَ لَقَبُ ابْنِهِ، أَمَّا هُوَ فَلَقَبُهُ الْبَاقِرُ.
( «أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رَأَى رَجُلًا مِنَ النُّغَاشِينَ» ) : بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ.
قَالَ مِيْرَكُ: النُّغَاشِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَالنُّغَاشُ بِحَذْفِهَا هُوَ الْقَصِيرُ جِدًّا الضَّعِيفُ الْحَرَكَةِ النَّاقِصُ الْخِلْقَةِ اهـ.
وَقِيلَ: الْمُبْتَلَى، وَقِيلَ: الْمُخْتَلِطُ الْعَقْلِ، وَفِي الْمَصَابِيحِ: رَجُلًا نُغَاشِيًا.
قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَرُوِيَ نُغَاشِيًّا بِالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ.
(فَخَرَّ) أَيْ: وَقَعَ سَاجِدًا قَالَ الْمُظْهِرُ: السُّنَّةُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى أَنْ عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ.
وَلْيَكْتُمِ السُّجُودَ، وَإِذَا رَأَى فَاسِقًا فَلْيُظْهِرِ السُّجُودَ لِيَنْتَبِهَ وَيَتُوبَ اهـ.
وَرُوِيَ: أَنَّ الشِّبْلِيَّ رَأَى وَاحِدًا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ.
(رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُرْسَلًا) : لِأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا سَمِعَ أَبَاهُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، لَكِنِ اعْتَضَدَ لِشَوَاهِدَ أَكَّدَتْهُ.
مِنْهَا: أَنَّ «النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَجَدَ لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ، وَأَنَّهُ سَجَدَ لِرُؤْيَةِ قِرْدٍ» .
(وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لَفْظُ الْمَصَابِيحِ) : وَفِي نُسْخَةٍ لِلَّفْظِ الْمَصَابِيحُ: يَعْنِي نُغَاشًا بَدَلٌ مِنَ النُّغَاشِينَ.

Business and Website Traffic

✩✩✩✩✩✩✩

1496 – وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَزَاءَ، نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي) شُكْرًا» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.

1496 – (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) : أَحَدِ الْعَشْرَةِ.
(قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ» ) : بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ الْغَيْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْغَيْبَةِ أَيْ: هُوَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُرِيدُ.
(الْمَدِينَةَ) ك أَيْ أَصَالَةً، وَنَحْنُ مُرِيدُونَ تَابِعُونَ لَهُ فِي الْمُرَادِ.
(فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا) أَيْ: فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ أَوْ قَرِيبِينَ، أَوْ ذَوِي قُرْبٍ.
(مِنْ عَزْوَزَاءَ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْأُولَى، وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ، وَقِيلَ: بِالْقَصْرِ، ثَنِيَّةٌ بِالْجُحْفَةِ عَلَيْهَا الطَّرِيقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِصَلَابَةِ أَرْضِهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَزَازِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ، أَوْ لِقِلَّةِ مَائِهِ مِنَ الْعُزُوزَةِ، وَهِيَ النَّاقَةُ الضَّيِّقَةُ الْإِحْلِيلِ الَّتِي لَا يَنْزِلُ) لَبَنُهَا إِلَّا بِجُهْدٍ، وَفِي نُسْخَةٍ: عَزْوَرَاءَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةِ السَّيِّدِ مَرْفُوعًا عَلَيْهِ: ظَاهِرٌ؛ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِيمَاءً إِلَى عَدَمِ وِجْدَانِ نُسْخَةٍ فِي الْمِشْكَاةِ مُطَابَقَةٍ لَهُ.
وَنَقَلَ مِيْرَكُ عَنْ خَطِّ السَّيِّدِ أَصِيلِ الدِّينِ أَنَّ قَوْلَهُ: عَزْوَزَاءَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّاءَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ مَفْتُوحَةٌ، وَبَعْدَ الزَّايِ الثَّانِيَةِ أَلِفٌ مَمْدُودَةٌ، وَالْأَشْهَرُ حَذْفُ الْأَلِفِ، هَكَذَا صَحَّحَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ شُرَّاحُ الْمَصَابِيحِ وَقَالُوا: هِيَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَالْعَزَازَةُ بِالْفَتْحِ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ، وَالشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ، فِي صَحِيحِ الْمَصَابِيحِ: عَزْوَرَاءُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَزَايٍ: سَاكِنَةٍ ثُمَّ وَاوٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَأَلِفٍ، وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَهِيَ: ثَنِيَّةٌ عِنْدَ الْجُحْفَةِ خَارِجَ مَكَّةَ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَى مَا ضَبَطَهُ شُرَّاحُ الْمَصَابِيحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَقَدِ اضْطَرَبُوا فِي تَقْيِيدِهَا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ ضَبَطَهَا عَلَى الصَّوَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْقَامُوسِ، وَيُفْهَمُ مِنَ النِّهَايَةِ أَنَّهُ بِالزَّايِ: الْمُعْجَمَةِ.
(نَزَلَ: نُزُولُ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَكُنْ لِخَاصِّيَّةِ الْبُقْعَةِ، بَلْ لِوَحْيٍ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي النَّهْيِ أَوِ الْأَمْرِ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُقْعَةَ لَا تَخْلُو عَنْ خُصُوصِيَّةٍ حَيْثُ اخْتَصَّتْ بِالدُّعَاءِ لِأُمَّتِهِ مِنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ أَيْ: وَقَعَ أَوْ سَجَدَ.
(سَاجِدًا فَمَكَثَ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا.
(طَوِيلًا) : أَيْ مَكَثَ طَوِيلًا أَوْ زَمَانًا كَثِيرًا.
(ثُمَّ قَامَ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ أَيْ: ثَالِثًا.
(فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا) : وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِخْفَاءَ أَفْضَلُ فِي الدُّعَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3] وَدَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ إِلَّا فِيمَا وَرَدَ الْأَثَرُ بِخِلَافِهِ.
(قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي) أَيْ: دَعَوْتُهُ أَوْ طَلَبْتُ رَحْمَتَهُ.
(وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي) أَيْ: لِغُفْرَانِ ذُنُوبِهِمْ، وَسَتْرِ عُيُوبِهِمْ، وَإِعْلَاءِ دَرَجَتِهِمْ، وَرِفْعَةِ عَظْمَتِهِمْ وَمَرْتَبَتِهِمْ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَسْئُولِ أَوْ بَعْضِهِ.
(فَأَعْطَانِي) أَيْ: فَوَهَبَنِي.
(ثُلُثَ أُمَّتِي) : بِضَمِّ اللَّامِ وَيُسَكَّنُ، أَوْ أَعْطَانِي مَغْفِرَةَ ثُلُثِهِمْ وَهُمُ السَّابِقُونَ.
(فَخَرَرْتُ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: وَقَعْتُ.
(سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا) أَيْ: لِهَذِهِ النِّعْمَةِ، وَطَلَبًا لِلزِّيَادَةِ.
قَالَ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] .
(ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي) أَيْ: سِعَةَ رَحْمَتِهِ، وَمَزِيدَ مَغْفِرَتِهِ.
(لِأُمَّتِي) أَيْ: كَافَّةً.
(فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي) : وَهُمُ الْمُقْتَصِدُونَ.
(فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي) شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي أَيْ: سِعَةَ رَحْمَتِهِ وَمَزِيدَ مَغْفِرَتِهِ.
(لِأُمَّتِي) أَيْ: كَافَّةً.
(فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا، وَهُمُ الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الْعَاصُونَ.
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَيْ: فَأَعْطَانِيهِمْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ، وَتَنَالُهُمْ شَفَاعَتِي، وَلَا يَكُونُونَ كَالْأُمَمِ السَّالِفَةِ، فَإِنَّ مَنْ عُذِّبَ مِنْهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لُعِنُوا لِعِصْيَانِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ، فَلَمْ تَنَلْهُمُ الشَّفَاعَةُ، وَالْعُصَاةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ عُوقِبَ مِنْهُمْ نُقِّيَ وَهُذِّبَ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ عُذِّبَ بِهَا تَنَالُهُ الشَّفَاعَةُ، وَإِنِ اجْتَرَحَ الْكَبَائِرَ، وَيُتَجَاوَزُ عَنْهُمْ مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهُمْ مَا لَمْ يَعْمَلُوا أَوْ يَتَكَلَّمُوا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخَصَائِصِ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ كَرَامَةً لِنَبِيِّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اهـ.

You Can Do It

✩✩✩✩✩✩✩

وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ بِخِلَافِ الْأُمَمِ ; لِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَّةِ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، أَوْ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ، وَلَا يَصِحُّ الثَّانِي فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَالْقَضِيَّتَانِ فِي الْأُمَمِ كُلِّهَا مُتَسَاوِيَتَانِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – لِأُمَّتِهِ الْمَرْحُومَةِ.
(فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي: وَلَمْ يَقُلْ هُنَا: شُكْرًا لِمَا سَبَقَ مُكَرَّرًا.
قَالَ الْمُظْهِرُ: لَيْسَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أُمَّتِهِ مَغْفُورِينَ بِحَيْثُ لَا تُصِيبُهُمُ النَّارُ ; لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ كَثِيرًا مِنَ الْآيَاتِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي تَهْدِيدِ آكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالرِّبَا، وَالزَّانِي، وَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَقَاتِلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يَخُصَّ أُمَّتَهُ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ بِأَنْ لَا يَمْسَخَ صُوَرَهُمْ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ، وَأَنْ لَا يُخَلِّدَهُمْ فِي النَّارِ بِسَبَبِ الْكَبَائِرِ، بَلْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ مَاتَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخَوَاصِّ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّتَهُ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ السُّنَّةَ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَى هَذَا، كَذَا الْكِتَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، وَالْعَفْوُ مِنَ الْكَرِيمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرْجَى مِنَ الْعَذَابِ، وَاللَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ.
وَأَمَّا دُخُولُ النَّارِ فَلَيْسَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ اهـ.
وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ نَظَرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّنَّةَ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: عَلَى تَعَذُّبِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: عَلَى غُفْرَانِهِمْ، فَأَقُولُ: لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْعَقَائِدِ مِنْ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْجُمْلَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُغْفَرُ لِجَمِيعِهِمْ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ مُحْكَمَةٌ، وَالْأُولَى إِمَّا مَنْسُوخَةٌ أَوْ مُئَوَّلَةٌ، بِأَنَّ اللَّامَ فِي الذُّنُوبِ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ مَا عَدَا الْكُفْرِ، أَوِ الِاسْتِغْرَاقُ، فَيَكُونُ مُقَيَّدًا بِالتَّوْبَةِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَكَانَتْ شَفَاعَتُهُ فِي الْأُمَّةِ فِي أَنْ لَا يُخَلِّدَهُمْ فِي النَّارِ، وَيُخَفِّفَ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ صَغَائِرِ ذُنُوبِهِمْ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَدْخُلُ النَّارَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُظْهِرِ: أَنَّ الشَّفَاعَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي الصَّغَائِرِ، وَفِي عَدَمِ الْخُلُودِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ تَمْحِيصِهِمْ بِالنَّارِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي النَّارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي.
» وَعَنِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: مَنْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَلِلشَّفَاعَةِ، وَالْأَحَادِيثُ فِيهَا كَثِيرَةٌ.
قُلْتُ: لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ، فَلَا مُنَافَاةَ لِمَا قَالَاهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالْمَشِيئَةِ وَالْإِذْنِ، فَإِذَا تَعَلَّقَتِ الْمَشِيئَةُ بِأَنْ تَنَالَ بَعْضَ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ وَأُذِنَ فِيهَا فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إِذَا ثَبَتَ تَعَلُّقُهَا بِشَيْءٍ مِنْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ، فَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، وَأَقَرَّهُ الْمُنْذِرِيُّ، ذَكَرَهُ مِيْرَكُ.

✩✩✩✩✩✩✩

 

Visits: 0

ART OF ASKING A LADY OUT

Leave a Comment

 
Scroll to Top